التاريخ لا يحدثنا أنه كان من المنافقين. إلا أن يقال: إن التاريخ إنما يثبت لنا ظواهر الأشخاص، ولا يمكنه الكشف عن بواطنهم وقلوبهم، فإذا النص القرآني فهو المعيار. إذا ثبت أن هذه الآية قد نزلت في أبي لبابة.
7 - إن آية سورة المائدة أيضا لا تنطبق على قصة أبي لبابة، لأنها أيضا قد تحدثت عن جماعة من الناس كانوا يسارعون في الكفر وقضية أبي لبابة هي قضية شخص واحد.
أضف إلى ذلك: أن أبا لبابة - كما تحكى لنا قصته - لم يكن يسارع في الكفر، وإنما هي زلة، تداركها على الفور، وتاب منها.
كما أن ما صدر منه - كما تحكيه القصة أيضا - لم يكن لأجل عدم إيمان قلبه بهذا الدين، وإنما أخذته الشفقة عليهم لما رآهم يبكون.
ولا يفوتنا التنبيه إلى أن آية سورة المائدة، إن جاءت لتقرع أبا لبابة قبل توبته، فهي تأبى عن قبول حصول التوبة منه، لأنها تجعله من المنافقين، ثم تقرنه باليهود لعنهم الله، مع مزيد من التقريع الحاد والقوي.
سابعا: " ذكر سعيد بن المسيب: أن ارتباطه بسارية التوبة كان بعد تخلفه عن غزوة تبوك، حين أعرض رسول الله (ص) وهو عليه عاتب بما فعل يوم قريظة، ثم تخلف عن غزوة تبوك في من تخلف " (1).
وبعبارة أخرى: إنه لما أشار إلى حلقه أخبر عنه رسول الله (ص) بذلك وقال له (ص): أحسبت أن الله غفل عن يدك حيث تشير إليهم إلى حلقك. فلبث جنبا ورسول الله (ص) عاتب عليه. ثم لما غزا تبوك كان أبو لبابة في من تخلف. فلما قفل (ص) جاءه أبو لبابة يسلم عليه،