كتاب الاكتتاب من باب التعزية عن المصاب إلى هذه البلاد لدى سعادة منار المناقب والشيم وزخار المواهب والكرم والمعطي كل ذي حق حقه من السيف والرمح والقلم أبو السعود علي بك الأسعد المحترم دام بالعز والنعم بحرمة البيت والحرم وها انا املي الآن صورة ما يحضرني مما كنت كتبته في ذلك الزمان:
ظعنوا فهل لك بالأسى عنهم يد * أم هل يطيعك بالعزاء تجلد هيهات اي تجلد لمروع * وعد النوى حتى دهاه الموعد الموت أقرب من غداة رحيلهم * والعيش من بعد الأحبة أبعد ولقد وقفت على الغضا من بعدهم * بحشاشة فيها الغضا يتوقد أبكي فلا غللي تجفف أدمعي * ومن المدامع غلتي لا تبرد وأنهنه الدمع الغروب براحتي * عن عودي كي لا يراني العود وأناشد الطلل المحيل ولا ارى * طللا يجيب وقد عفا من ينشد سقط هنا عدة أبيات من الأصل المنقول عنه:
وغياث ملهوف وغيث مؤمل * ومنار فضل فضله لا يجحد عمت مواهبك البلاد فاتهموا * بجميل ذكرك في البلاد وانجدوا حملوك ميتا والدموع طليقة * وفؤاد كل شج عليك مقيد والحور تبسم في لقائك بهجة * والدهر مغبر المحيا أنكد ولقد أضاء الرمس فيك مسرة * وغدا الفضاء عليك وهو مسود وزهت بقربك روضة قدسية * لك في ثراها عند يوشع مرقد فمساء بطن الأرض عندك أبيض * وصباح وجه الأرض بعدك اسود ما كنت احسب قبل قبرك خطة * يطوى بها البحر المحيط ويلحد والبدر يمسي في ثراها غاربا * والصارم البتار فيها يغمد من يلف للمعروف بعدك حافظ * والصارخ الملهوف منج منجد من للممالك ساعد ومساعد * ولانت طالعها السعيد الأسعد من في ثغور المسلمين مرابط * رصدا وأنت بها الرصيد المرصد من للرعية سائس من للشريعة * حارس من للسبيل ممهد فعليك أصبح لا يبارحني الجوى * والوجد بين جوانحي يتردد ما زلت آمل ان أراك فصار ما * بيني وبين مدى لقاك الموعد كم لي إليك مقاصد أملتها * لولا علي قلت خاب المقصد هو ذلك الملك الكريم ومن غدا * للمدلجين يلوح منه الفرقد متجردا للحادثات بعزمة * كالسيف الا انها لا تغمد ومسددا في كل معضل مشكل * حزما يصيب الامر وهو مسدد تتكلم الأيام عنه صامتا * وإذا تكلم فالحديث المسند بصفاته تاج الفخار مرصع * وبجيده جيد الوجود مقلد ما ان شهدت مقاله وفعاله * الا وراقك منه ذاك المشهد ورأيت من عليائه ما لا يرى * ووجدت من جدواه ما لا يوجد حتى يقول العالمون مناقب * شئ يجمعها همام أوحد يا أيها الملك المطاع ومن له * زمر الخلائق بالمكارم تشهد وعليه تلهج بالثناء فواحد * ينشي مدائحه وآخر ينشد صبرا وتسليما وان عظم الردى * وقعا فمثلك في العزا يتجلد ولئن رآك الشامتون بفقده * تشجي وقد أبدى السرور الحسد فليخسأوا انى تنام عيونهم * فرحا وأنت بها المقيم المقعد ولك المساعد والنصير محمد * ومحمد نعم النصير المسعد أحيا الندى من بعد ما فقد الندى * طلابه فكانهم لم يفقدوا وحبا الأنام نواله فغدت له * بالمدح والحمد الجليل تغرد هذه نفثة مصدور تصاعدت زفراته وتتابعت عبراته وتولت مسراته فتوالت حسراته:
وامسى بسهد لا تنام جفونه * وامسى بهم لا يعيد ولا يبدي ليس ولوعه الا بالهيام ولا تطوى ضلوعه الا على حر الأوام من وقوع تلك المصيبة العظيمة والرزية النازلة بفناء الكرماء من آل نصار والزلزلة لأبنية المجد وأعمدة الفخار والقارعة التي تستصغر في جنبها الخطوب الكبار وتستحقر عندها النوائب والأخطار:
بكر من الاقدار رج منارها * فطوي بها علم العلى المنشور ما بعد هذا الخطب من خطب له * فلك العلى والمكرمات يمور كلا وان عظائم ذلك الخطب كمكارم من فقدناه ورزاياه على حد مزاياه وكل منهما لا يحد بحد ولا ينتهي حصر عدده إلى أمد:
قد كان حسب بني الدنيا ندى وهدى * فصار وجدهم هما واحزانا بيد ان الذي اذهب من الوجد ما نجد وأثلج أوارا بين أضالع المجد يتقد وجود سادات وجوه القبائل ودوام سعادة الكرماء من آل وائل فإنهم ولله الحمد من قبل ومن بعد:
نجوم سماء كلما انقض كوكب * تجد كوكبا تاوي إليه كواكبه لا ترى منهم الا مترديا من المفاخر بأسنى رداء ولا تعاين منهم الا من يقال في حقه هذا الذي أحيا المآثر وكلهم في ذلك شرع سواء:
من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم * مثل النجوم التي يسري الساري وجميعهم بفضل الله تعالى خير خلف عن كل من مضى وسلف:
وفي علي لنا عمن مضى خلف * تلقاه من بين اهليها مبجلها بقية النفر الماضي وأكرم من * عليه أم العلي ألقت معولها وما تناضل أهل المجد في شرف * الا وكان علي القدر أفضلها فيا أيها المتوج بتاج الفخار والرشاد المتردي برداء الوقار والحلم والسداد:
صبرا على مضض الزمان فإنما * شيم الزمان قطيعة الأمجاد على أنه ليس والحمد لله بمفقود من كنت أنت قائما مقامه وناشرا على رؤوس الأنام أعلامه:
وما مات من في الدهر أنت وليه * وهيهات يطوي من نشرت له ذكرا وإن كان ذاك البحر قد غيض في الثرى * فكفاك قد أبدت لنا أبحرا عشرا وإن تكن العلياء غاب منارها * فإنك فيها مطلع أنجما زهرا وبعد فلنا ولك أسوة في هذه الحال بل في كل الأحوال بما جرى على الآل من النوب العضال والموت غاية كل الأنام من الخاص والعام:
لا شجاع يبقى فيعتنق البيض * ولا آمل ولا مأمول وقصارى الحياة مهما استطالت * ان نراها كمثل ظل يزول وها انا أسال الذي أنشأ حمدا حميدا وأماته سعيدا أن يقربه من رحمته