فالبيت الثاني من جيد الشعر والبيت الأول معقد اللفظ خفي المعنى مرذولهما وتغذيتي مبتدأ خبره بحب والشيب معطوف على حب وفسر ذلك بالشطر الثاني.
3 استكراه اللفظ وتعقيد المعنى بتقديم ما حقه التأخر وبالعكس أو بحذف ما يخل حذفه بالمعنى أو نحو ذلك مما يوجب التعقيد وهو في الشعر من أقبح العيوب. في اليتيمة:
وهو أحد مراكبه الخشنة التي يتسنمها ويأخذ عليها في الطرق الوعرة، فيضل ويضل ويتعب ويتعب، ولا ينجح، إذ يقول في وصف الناقة:
شيم الليالي ان تشكك ناقتي * صدري بها أفضى أم البيداء فتبيت تسئد مسئدا في نيها * أسادها في المهمة الأنضاء الأساد اسراع السير والني الشحم والأنضاء مصدر أنضاه اي هزله وتقديره، فتبيت تسئد حال كون الأنضاء يسئد في نيها فيذببه كأسادها في المهمة وقوله مادحا شجاع بن محمد الطائي:
انى يكون أبا البرايا آدم * وأبوك والثقلان أنت محمد تقديره انى يكون آدم أبا البرايا وأبوك محمد والثقلان أنت وقال من نسيب قصيدة:
إذا عذلوا فيها أجبت بانة * حبيبيتا قلبي فؤادي هيا جمل حبيبيتا منادى حذف منه حرف النداء وأبدلت ياء المتكلم فيه ألفا وزاده تصغيره بشاعة وقلبي بدل من حبيبيتا وفؤادي بدل من قلبي منادى بعد منادى وهيا حرف نداء كما تقول أخي سيدي مولاي وأشباه هذه الأبيات كثيرة في شعره كقوله:
لساني وعيني والفؤاد وهمتي * أود اللواتي ذا اسمها منك والشطر أود بفتح الهمزة وضم الواو أو كسرها جمع ود بضم الواو بمعنى ودود كقفل واقفل اي لساني وعيني الخ هي أو داء التي تسمى بهذه الأسماء منك وهي شطر منك اي اوداء لسانك وعينك وفؤادك وهمتك فانظر إلى هذا البيت كيف جمع سخافة المعنى وسوء التركيب.
وقوله:
فتى ألف جزء رأيه في زمانه * أقل جزئ بعضه الرأي أجمع وقوله:
لو لم تكن من ذا الورى للذ منك هو * عقمت بمولد نسلها حواء اللذ لغة في الذي اي لو لم تكن من هذا الورى الذي هو منك لأنه لولاك لم يكن شيئا مذكورا لكانت حواء كأنها عقيم، في اليتيمة: هو مما اعتل لفظه ولم يصح معناه، فإذا قرع السمع لم يصل إلى القلب الا بعد اتعاب الفكر ثم إن ظفر به بعد العناء والمشقة فقلما يحصل على طائل واعتلال لفظه بتخفيف الذي والاتيان بذا بدل هذا وهو كثير في شعره كما ستعرف واسكان واو هو وغير ذلك. قال الصاحب وانا أقول ليت حواء عقمت ولم تأت بمثله بل ليت آدم أجفر ولم يكن من نسله وما أظرف قول الشاعر:
فرحمة الله على آدم * رحمة من عم ومن خصصا لو كان يدري انه خارج * مثلك من احليله لاختصى وقوله:
لا تجزني بضنى بي بعدها بقر * تجزي دموعي مسكوبا بمسكوب لا ناهية اي لا تكافني بعدها نساء شبيهة ببقر الوحش عن ضنأي ووجدي بان أسلوبها عنها فإنها ان تفعل تكافئ دمعا مسكوبا بمثله.
4 التعسف في اللغة والاعراب وهو مما يسبق إلى القلوب انكاره وإن كان قد يحتج له ويعتذر عنه فلا يرفع ذلك استكراهه كقوله:
فدى من على الغبراء أولهم انا * لهذا الأبي الماجد الجائد القرم ولم يحك عن العرب الجائد وانما المحكي الجواد ومع ذلك فتركيب البيت ركيك بارد، وقوله:
فارحام شعر يتصلن لدنه * وأرحام مال لا تني تتقطع فتشديد نون لدن غير معروف في لغة العرب قال ابن جني لدنه فيه قبح وبشاعة إذ لم يكن بعد النون نون، وبعد هذا البيت قوله:
فتى ألف جزء رأيه في زمانه * أقل جزئ بعضه الرأي أجمع قال الصاحب: ومن بدائهه الظريفة عند متعلقي حبله وفواتحه البديعة عند ساكني ظله قوله:
شديد البعد من شرب الشمول * ترنج الهند أو طلع النخيل فلا أدري استهلال الأبيات أحسن أم المعنى أبدع أم قوله ترنج أفصح، قال الثعالبي والمعروف عن العرب الأترج والترنج مما يغلط فيه العامة. وقوله:
بيضاء يمنعها تكلم دلها * تيها ويمنعها الحياء تميسا فنصب تميس بان المحذوفة وهو ضعيف عند أكثر النحويين وفي هذه القصيدة أبيات تعاب لا باس بالإشارة إليها هنا قال الصاحب ومن تصريفه الحسن وضعه التقييس موضع القياس في قوله:
بشر تصور غاية في آية * تفني الظنون وتفسد التقبيسا ويليه بيت ان لم يستح أصحابه منه سلمناه لهم وهو:
وبه يضن على البرية لا بها * وعليه منها لا عليها يوسى وليس بالحلو قوله:
صدق المخبر عنك دونك وصفه من بالعراق يراك في طرسوسا اه وقوله:
وتكرمت ركباتها عن مبرك * تقعان فيه وليس مسكا أذفرا فجمع ركبات ثم أعاد عليها ضمير المثنى فقال تقعان وهو ضعيف وغير سديد في صنعة الاعراب وقوله:
ليس أأرباب يا علي همام * سيفه دون عرضه مسلول قال الصاحب ومن شعره الذي يدخل في العزائم ويكتب في الطلسمات قوله:
لم تر من نادمت الاكا * لا لسوى ودك لي ذاكا واحسب انه بهذا البيت أشد سرورا من أم الواحد بواحدها وقد آب بعد فقد أو بشرت به عقب ثكل اه وجعله الثعالبي من التعسف في اللغة والاعراب فإنه وصل الضمير بالا وحقه الفصل كما قال تعالى ضل