وروى الصدوق في العيون عن البيهقي عن الصولي عن عبيد الله بن عبد الله بن طاهر قال أشار الفضل بن سهل على المأمون أن يتقرب إلى الله عز وجل وإلى رسوله بصلة رحمه بالبيعة لعلي بن موسى ليمحو بذلك ما كان من أمر الرشيد فيهم وما كان يقدر على خلافه في شئ إلى أن قال وما كان يحب أن يتم العهد للرضا ع بعده قال الصولي وقد صح عندي ما حدثني به عبيد الله من جهات: منها أن عون بن محمد حدثني عن محمد بن أبي سهل النوبختي أو عن أخ له قال لما عزم المأمون على العقد للرضا ع بالعهد قلت والله لاعتبرن ما في نفس المأمون من هذا الأمر أ يحب اتمامه أو يتصنع به فكتبت إليه على يد خادم كان يكاتبني باسراره على يده: قد عزم ذو الرياستين على عقد العهد والطالع السرطان وفيه المشتري والسرطان وإن كان شرف المشتري فهو برج منقلب لا يتم أمر يعقد فيه ومع هذا فان المريخ في الميزان في بيت العاقبة وهذا يدل على نكبة المعقود له وعرفت أمير المؤمنين ذلك لئلا يعتب علي إذا وقف على هذا من غيري فكتب إلي إذا قرأت جوابي إليك فاردده إلي مع الخادم ونفسك أن يقف أحد على ما عرفتنيه وأن يرجع ذو الرياستين عن عزمه لأنه إن فعل ذلك ألحقت الذنب بك وعلمت أنك سببه فضاقت علي الدنيا وتمنيت أني ما كنت كتبت إليه ثم بلغني أن الفضل بن سهل قد تنبه على الأمر ورجع عن عزمه وكان حسن العلم بالنجوم فخفت والله على نفسي وركبت إليه فقلت أ تعلم في السماء نجما أسعد من المشتري قال لا قلت أ فتعلم أن في الكواكب نجما يكون في حال أسعد منها في شرفها قال لا قلت فامض العزم على رأيك إذ كنت تعقده وسعد الفلك في أسعد حالاته فامضى الأمر على ذلك فما علمت أني من أهل الدنيا حتى وقع العقد فزعا من المأمون اه.
وحاصل الخبر أن الفضل النوبختي وكان منجما أراد اختبار ما في نفس المأمون فكتب إليه أن احكام النجوم تدل على أن عقد البيعة للرضا في هذا الوقت لا يتم وانها تدل على نكبة المعقود له فإن كان باطن المأمون كظاهره ترك عقد البيعة في ذلك الوقت واخره إلى وقت يكون أوفق منه فاجابه المأمون وحذره من أن يرجع ذو الرياستين عن عزمه على ايقاع عقد البيعة في ذلك الوقت وانه إذا رجع علم أن ذلك من النوبختي وأمره بارجاع الكتاب إليه لئلا يطلع عليه أحد ثم بلغه أن الفضل بن سهل تنبه أن الوقت غير صالح لعقد البيعة لأنه كان عالما بالنجوم فخاف النوبختي أن ينسب رجوع الفضل بن سهل عن عزمه إليه فيقتله المأمون فركب إليه وأقنعه من طريق النجوم أن الوقت صالح على خلاف الحقيقة لأنه كان اعرف منه بالنجوم فلبس الأمر عليه حتى اقنعه.
وقيل إن السبب في ذلك أن الفضل بن سهل أشار عليه بهذا فاتبع رأيه قال الصدوق في عيون أخبار الرضا: قد ذكر قوم أن الفضل بن سهل أشار على المأمون بان يجعل علي بن موسى الرضا ولي عهده منهم أبو علي الحسين بن أحمد السلامي ذكر ذلك في كتابه الذي صنفه في اخبار خراسان قال فكان الفضل بن سهل ذو الرياستين وزير المأمون ومدبر أموره وكان مجوسيا فأسلم على يدي يحيى بن خالد البرمكي وصحبه وقيل بل أسلم سهل والد الفضل على يدي المهدي وأن الفضل اختاره يحيى بن خالد البرمكي لخدمة المأمون وضمه إليه فتغلب عليه واستبد بالأمر دونه وانما لقب بذي الرياستين لأنه تقلد الوزارة ورياسة الجند فقال الفضل حين استخلف المأمون يوما لبعض من كان يعاشره أين يقع فعلي فيما أتيته من فعل أبي مسلم فيما اتاه فقال إن أبا مسلم حولها من قبيلة إلى قبيلة وأنت حولتها من أخ إلى أخ وبين الحالين ما تعلمه، قال الفضل: فاني أحولها من قبيلة إلى قبيلة ثم أشار على المأمون بان يجعل علي بن موسى الرضا ولي عهده فبايعه وأسقط بيعة المؤتمن أخيه. فلما بلغ خبره العباسيين ببغداد ساءهم ذلك فاخرجوا إبراهيم بن المهدي وبايعوه بالخلافة فلما بلغ المأمون خبر إبراهيم علم أن الفضل بن سهل أخطأ عليه وأشار بغير الصواب فخرج من مرو منصرفا إلى العراق واحتال على الفضل بن سهل حتى قتله واحتال على علي بن موسى حتى سم في علة كانت أصابته فمات. ثم قال الصدوق:
هذا ما حكاه أبو علي الحسين بن أحمد السلامي في كتابه والصحيح عندي أن المأمون انما ولاه العهد وبايع له للنذر الذي قد تقدم ذكره وأن الفضل بن سهل لم يزل معاديا ومبغضا له وكارها لأمره لأنه كان من صنائع آل برمك اه.
كتاب المأمون إلى الرضا ع بالقدوم عليه وارساله من يشخصه روى الصدوق في العيون بسنده عن جماعة قالوا: لما انقضى أمر المخلوع واستوى أمر المأمون كتب إلى الرضا يستدعيه ويستقدمه إلى خراسان فاعتل عليه الرضا بعلل كثيرة فما زال المأمون يكاتبه ويسأله حتى علم الرضا ع انه لا يكف عنه فخرج وأبو جعفر له سبع سنين اه.
وقال الطبري في هذه السنة أي سنة 200 للهجرة وجه المأمون رجاء بن أبي الضحاك وهو عم الفضل بن سهل وفرناس الخادم لاشخاص علي بن موسى بن جعفر بن محمد ومحمد بن جعفر اه وكان محمد بن جعفر خرج على المأمون بمكة وتسمى بإمرة المؤمنين ثم خلع نفسه على يد الجلودي فخرج به الجلودي إلى العراق حتى سلمه إلى الحسن بن سهل فبعث به الحسن بن سهل إلى المأمون بمرو مع رجاء بن أبي الضحاك، ذكر ذلك الطبري أيضا فيكون رجاء اخذ الرضا من المدينة ومحمد بن جعفر من العراق.
روى الصدوق في العيون بسنده عن رجاء بن أبي الضحاك قال بعثني المأمون في اشخاص علي بن موسى الرضا من المدينة وأمرني أن آخذ به على طريق البصرة والأهواز وفارس ولا آخذ به على طريق قم وأمرني أن احفظه بنفسي بالليل والنهار حتى أقدم به عليه فكنت معه من المدينة إلى مرو الحديث، ويأتي عن أبي الفرج والمفيد انه كان المتولي لأشخاصهما الجلودي واسمه عيسى بن يزيد ويبعده أن الجلودي كان من قواد الرشيد وكان عدوا للرضا فلم يكن المأمون ليبعثه في اشخاصه، قال أبو الفرج الأصبهاني في مقاتل الطالبيين بعد ما ذكر أن الرضا دس إليه المأمون فيما ذكر سما فمات منه: ذكر الخبر في ذلك أخبرني ببعضه علي بن الحسين بن علي بن حمزة عن عمه محمد بن علي بن حمزة العلوي وأخبرني بأشياء منه أحمد بن محمد بن سعيد قال حدثنا يحيى بن الحسن العلوي وجمعت أخبارهم أقول وأورد المفيد في الارشاد بعض هذا الخبر كما اورده أبو الفرج لكن بدون سند وزاد عليه والظاهر أن ما اتفقا فيه نقله المفيد من المقاتل لأن نسخته كانت عنده بخط أبي الفرج كما صرح به في موضع آخر من الارشاد فما اتفقا فيه نقلناه عنهما وما انفرد به أحدهما نقلناه عنه خاصة قالوا كان المأمون قد انفذ إلى جماعة من آل أبي طالب فحملهم إليه من المدينة وفيهم الرضا علي بن موسى ع فاخذ بهم على طريق البصرة حتى جاء بهم وكان المتولي لاشخاصهم المعروف بالجلودي قال أبو الفرج: من أهل خراسان.
وروى الكليني أن المأمون كتب إلى الرضا ع لا تأخذ على طريق الجبل وقم وخذ على طريق البصرة والأهواز وفارس. وفي رواية الصدوق:
كتب إليه المأمون: لا تأخذ على طريق الكوفة وقم فحمل على طريق