ارتكب من الخطيئة فليقم عليه الحد في الدنيا، ويطهر منه في الآخرة، وليعلم ما تقول في أن الدين قد أكمل لك؟ فقال: هيهات خرج آخرها في الإمامة (1)! اه وهذا يدل على علمه ومعرفته.
وروى الكشي عن محمد بن مسعود حدثني المحمودي انه دخل على ابن أبي دؤاد هو أحمد بن أبي دؤاد قاضي المعتصم والواثق وهو في مجلسه وحوله أصحابه فقال لهم ابن أبي دؤاد يا هؤلاء ما تقولون في شئ قاله الخليفة البارحة فقالوا وما ذلك قال قال الخليفة ما ترى العلائية (2) تصنع ان أخرجنا إليهم أبا جعفر سكران منشأ (3) مضمخا بالحلوق (4) قالوا إذا تبطل حجتهم ويبطل مقالهم قلت إن العلائية يخالطونني كثيرا ويفضون إلي بسر مقالتهم وليس يلزمهم هذا الذي جرى فقال ومن أين قلت قلت إنهم يقولون لا بد في كل زمان وعلى كل حال لله في أرضه من حجة يقطع العذر بينه وبين خلقه قلت (5) فإن كان في زمان الحجة من هو مثله أو فوقه في النسب والشرف كان أدل الدلائل على الحجة قصد السلطان له (6) من بين أهله ونوعه فعرض ابن أبي دؤاد هذا الكلام على الخليفة فقال ليس إلى هؤلاء القوم حيلة ليس في هؤلاء اليوم حيلة لا تؤذوا أبا جعفر اه وهذا الخبر في النسخ المطبوعة مغلوط العبارة وليس لدينا نسخة مخطوطة يمكن الاعتماد عليها لذلك كانت عبارته لا تخلو من إغلاق فيمكن ان يكون المراد بأبي جعفر فيه هو الجواد ع لأنه معاصر للمعتصم ويكون مراد المعتصم بهذا الكلام ان ينسب الامام ع إلى أنه يفعل ذلك تنقيصا له عند السامعين بالكذب والباطل فان الكذب يلجا إليه الأعداء حيث يعجزهم الصدق فقد قال بعض أهل الشام لبعض أهل العراق بصفين ان صاحبكم لا يصلي كما كان يلقى على اسماعهم وقال ابن مرجانة لمسلم بن عقيل لم لم تفعل ذلك وأنت بالمدينة تشرب الخمر والظاهر أن مقصوده من هذا الجواب انه إذا كان في زمن الحجة من هو مثله أو فوقه في النسب والشرف بان يكون علويا من الطرفين أو أكبر سنا أو نحو ذلك ورأينا السلطان يقصده هو دون غيره، فيحتاط من جهته خوف ميل الناس إليه وينتقصه ولا يقصد غيره ممن هو مثله أو فوقه في النسب والشرف كان ذلك أدل دليل على أنه هو الحجة فأنتم بما تنسبونه إليه وهو غير صحيح قد زدتمونا يقينا بأنه هو الحجة، وقوله: لا تؤذوا أبا جعفر اي بمثل هذه النسبة إليه. ولكن روى الكشي أيضا ما يوجب ذمه فقال: وجدت في كتاب أبي عبد الله الشاذاني سمعت الفضل بن شاذان يقول: التقيت مع أحمد بن حماد المتشيع وكان ظهر له منه الكذب فكيف غيره، فقال: اما والله لو توغرت تغرغرت عداوته لما صبرت عنه، فقال الفضل بن شاذان: هكذا والله قال لي كما ذكر علي بن محمد القتيبي عن الزفري بكر بن زفرة الفارسي عن الحسن بن الحسين أنه قال: استحل أحمد بن حماد مني مالا له خطر، فكتبت رقعة إلى أبي الحسن شكوت فيها أحمد بن حماد، فوقع ع فيها: خوفه بالله ففعلت فلم ينفع، فعاودته برقعة أخرى أعلمته اني قد فعلت ما أمرتني به فلم انتفع فوقع إذا لم يحل فيه التحويف بالله فكيف تخوفه بأنفسنا اه هكذا وجدنا أول هذا الخبر في النسخ التي بأيدينا، ولا يخفى ان عبارته مختلة ولم يمكنا الاطلاع على صحيحها.
3738: الأمير الشيخ أحمد بن حمادة قتل سنة 1046 قتله بنو سيفا حكام طرابلس الشام.
وآل حمادة أو الحماديون يلقبون بالمشايخ وهو لقب من ألقاب الامارة ينسبون إلى جدهم حمادة وهم من الأمراء الشيعة في لبنان وامارتهم فيه قديمة تبتدئ من المئة التاسعة تقريبا وهم أهل شهامة وإباء وعز ومنعة، مهيب جانبهم يحترمون الأشراف والعلماء. وقد وجدنا في بعض المصادر ولا نتذكره الآن ولعله من بعض تعليقات الباحث عيسى بن إسكندر المعلوف ان أصلهم من بلاد فارس أو من بخارى، ولكنهم أنفسهم ينكرون ذلك ويقولون انهم من عرب العراق. قال عيسى المذكور: كان جدهم الشيخ حمادة في بلاد فارس وهو الذي فتح تبريز وأراد الخروج على السلطان فطرده فجاء إلى لبنان ومعه اخوه احمد وهو غير المترجم فنزلا في الحصين ثم قهمز وتفرقت عشيرتهما في لبنان ونالت منزلة فيها وسكنوا في الضنية ثم انتقلوا إلى الهرمل لتوالي الفتن والحروب عليهم في تلك الجهات. وفي سنة 955 اتفقت زوجة كمال الدين عجرمة معه ومع أهالي عين حليا وقتلوا عبد المنعم مقدم بشري كمنوا له خارج البرج وقتلوه مع أولاده، فقتل رفقاؤه الشيخ حمادة. وفي سنة 999 جمع الأمير محمد بن عساف التركماني الرجال وسار لطرد يوسف باشا ابن سيفا من بلاد عكار فجمع يوسف رجاله وكمن له فقتله ولم يكن له ذكر فانقطع ذكر بيت عساف واصلهم تركمان وكان لهم في كسروان 232 سنة وأعطى النيابة لأولاد حمادة. وفي سنة 1026 كان الحماديون وأولاد الشاعر الشيعة في صحبة الأمير سليمان بن سيفا وكان الأمير علي بن يونس المعني أعطاه حكم جبيل والبترون فحسنوا له ان يصرف الذين عنده من قبل ابن معن وهم يكفونه فصرفهم، وكان سليمان معاديا لعمه يوسف باشا ابن سيفا فباغت يوسف سليمان وحاصره في برج تولا فاستنجد سليمان بعلي المعني فانجده بعسكر صيدا وامر حسين الطويل ان ينجده برجال كسروان وحسين اليازجي برجال صفد وبلاد بشارة وبوصول اليازجي إلى صيدا أخبر بتسليم سليمان لعمه يوسف لعدم الذخيرة فاتهم علي المعني الحماديين بأنهم هم الذين أرسلوا إلى يوسف باشا ليغير على ابن أخيه فنهب قراهم وقرى أولاد الشاعر واحرقها. وفي سنة 1040 قدم فخر الدين المعني من صيدا إلى طرابلس فأرسل إليه الشيخ أحمد بن حمادة يعده بمال ان لم يدخل المدينة فلم يقبل. وفي سنة 1046 وقع الاختلاف بين بني سيفا والحمادية وقتل بنو سيفا الشيخ أحمد بن حمادة وسبب ذلك ان محمد باشا ارسل متسلما إلى طرابلس فارجعه يوسف بن سيفا من الطريق وراسل بنو سيفا الحمادية فلم يقبلوا بعصيان الدولة ووقع الاختلاف وقتل الشيخ احمد المترجم وضبط الأمير يوسف الشهابي بعد ذلك جميع ارزاق الحمادية في بلاد جبيل والبترون وجبة بشري وقاتلهم، وبسبب ذلك انتقلوا إلى الهرمل وبقوا بها إلى اليوم وهو سنة 1361 هجرية.