ع فأخرجت ثلاثة اطباق من الفضة فيها بنادق مسك وزعفران معجون في أجواف تلك البنادق رقاع مكتوبة بأموال جزيلة وعطايا سنية واقطاعات فامر المأمون بنثرها على القوم من خاصته فكان كل من وقع في يده بندقة اخرج الرقعة التي فيها والتمسه فاطلق له ووضعت البدر فنثر ما فيها على القواد وغيرهم وانصرف الناس وهم أغنياء بالجوائز والعطايا وتقدم المأمون بالصدقة على كافة المساكين.
وقال غير المفيد: ثم أمر فنثر على أبي جعفر رقاع فيها ضياع وطعم وعمالات. قال المفيد: ولم يزل المأمون مكرما لأبي جعفر ع معظما لقدره مدة حياته يؤثره على ولده وجماعة أهل بيته.
توجه الجواد ع من بغداد إلى المدينة وعوده إلى بغداد ثم إن الجواد ع استأذن المأمون في الحج وخرج من بغداد متوجها إلى المدينة ومعه زوجته أم الفضل.
وبعد توجه الجواد إلى المدينة توفي المأمون في طرسوس وبويع اخوه المعتصم. ثم إن المعتصم طلب الجواد واحضره إلى بغداد. قال المسعودي في اثبات الوصية: خرج أبو جعفر ع في السنة التي خرج فيها المأمون إلى البدندون من بلاد الروم بام الفضل حاجا إلى مكة واخرج أبا الحسن عليا ابنه معه وهو صغير فخلفه بالمدينة وانصرف إلى العراق ومعه أم الفضل بعد أن أشار إلى أبي الحسن ونص عليه واوصى إليه وتوفي المأمون بالبدندون يوم الخميس 13 رجب سنة 218 في ست عشرة سنة من امامة أبي جعفر ع وبويع المعتصم أبو إسحاق محمد بن هارون في شعبان سنة 218 فلما انصرف أبو جعفر إلى العراق لم يزل المعتصم وجعفر بن المأمون يدبرون ويعملون الحيلة في قتله اه ولكن المفيد صرح بان ذلك كان في المحرم سنة 220 قال المفيد: فورد بغداد لليلتين بقيتا من المحرم سنة 220 وتوفي بها في ذي القعدة من هذه السنة ولكنه قال قبل ذلك أنه لم يزل بالمدينة إلى أن اشخصه المعتصم في أول سنة 225 إلى بغداد فأقام بها حتى توفي في آخر ذي القعدة من هذه السنة اه.
أقول: قوله أولا انه اشخصه سنة 225 مع منافاته لما ذكره ثانيا من أن اشخاصه كان سنة 220 مناف لما اتفق عليه الكل ومنهم المفيد من أن وفاته كانت سنة 220 فالظاهر أنه من سهو القلم منه أو من النساخ.
ما روي من طريق الجواد ع روى الحافظ عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي في كتابه معالم العترة الطاهرة عن الجواد عن آبائه عن علي ع وروى الخطيب في تاريخ بغداد بسنده عن أبي جعفر محمد بن علي بن موسى عن أبيه علي عن أبيه موسى عن آبائه عن علي. قال بعثني النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليمن فقال لي وهو يوصيني يا علي ما حار من استخار ولا ندم من استشار يا علي عليك بالدلجة فان الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار يا علي أغد باسم الله فان الله بارك لامتي في بكورها. وروى الخطيب بسنده والجنابذي مرسلا عنه ع وقد سئل عن حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار فقال خاص للحسن والحسين. وروى الجنابذي عنه عن علي ع قال في كتاب علي بن أبي طالب ع إن ابن آدم أشبه شئ بالعيار إما راجح بعلم وقال مرة بعقل أو ناقص بجهل وعنه ع قال علي ع لأبي ذر رضوان الله عليه انما غضبت لله عز وجل فارج من غضبت له أن القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك والله لو كانت السماوات والأرضون رتقا على عبد ثم اتقى الله لجعل الله له منهما مخرجا لا يؤنسنك الا الحق ولا يوحشنك الا الباطل. وعنه عن علي ع أنه قال لقيس بن سعد وقد قدم عليه من مصر يا قيس إن للمحن غايات لا بد أن تنتهي إليها فيجب على العاقل أن ينام لها إلى ادبارها فان مكابدتها بالحيلة عند اقبالها زيادة فيها. وعنه ع قال من وثق بالله أراه السرور ومن توكل عليه كفاه الأمور والثقة بالله حصن لا يتحصن فيه الا مؤمن امين والتوكل على الله نجاة من كل سوء وحرز من كل عدو والدين عز والعلم كنز والصمت نور وغاية الزهد الورع ولا هدم للدين مثل البدع ولا أفسد للرجال من الطمع وبالراعي تصلح الرعية وبالدعاء تصرف البلية ومن ركب مركب الصبر اهتدى إلى مضمار النصر ومن عاب عيب ومن شتم أجيب ومن غرس أشجار التقى اجتنى ثمار المنى. ثم ذكر حكما كثيرة ودررا يتيمة مما رواه الجواد عن آبائه عن علي ع موجودة في كشف الغمة. وروى الخطيب بسنده والجنابذي مرسلا عنه ع أنه قال:
من استفاد أخا في الله فقد استفاد بيتا في الجنة.
من روى عنه الجواد ع قال الخطيب في تاريخ بغداد أسند محمد بن علي الحديث عن أبيه.
الراوون عنه في المناقب كان بوابه عثمان بن سعيد السمان. ومن ثقاته أيوب بن نوح بن دراج الكوفي وجعفر بن محمد بن يونس الأحول و الحسين بن مسلم ابن الحسن والمختار بن زياد العبدي البصري ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب الكوفي. ومن أصحابه شاذان بن الخليل النيسابوري ونوح بن شعيب البغدادي ومحمد بن أحمد المحمودي وأبو يحيى الجرجاني وأبو القاسم إدريس القمي وعلي بن محمد وهارون بن الحسن بن محبوب وإسحاق بن إسماعيل النيسابوري وأبو حامد أحمد بن إبراهيم المراغي وأبو علي بن بلال وعبد الله بن محمد الحصيني ومحمد بن الحسن بن شمون البصري. وقال في موضع آخر وقد روى عنه المصنفون نحو أبي بكر أحمد بن ثابت في تاريخه وأبي إسحاق الثعلبي في تفسيره ومحمد بن منده بن مهربذ في كتابه.
ما أثر عنه من المواعظ والحكم والآداب المنقول من تحف العقول قال له رجل أوصني قال أ وتقبل قال نعم قال توسد الصبر واعتنق الفقر وارفض الشهوات وخالف الهوى واعلم انك لن تخلو من عين الله فانظر كيف تكون. وروي انه حمل له بز له قيمة كثيرة فسلب في الطريق فكتب إليه الذي حمله يعرفه الخبر فوقع بخطه ان أنفسنا وأموالنا من مواهب الله الهنيئة وعواريه المستودعة يمتع بما متع منها في سرور وغبطة ويؤخذ ما اخذ منها في اجر وحسبة فمن غلب جزعه على صبره حبط اجره ونعوذ بالله من ذلك. وقال ع: من شهد أمرا فكرهه كان كمن غاب عنه ومن غاب عن أمر فرضيه كان كمن شهده وقال ع: من اصغى إلى ناطق فقد عبده فإن كان الناطق عن الله فقد عبد الله وإن كان الناطق ينطق عن لسان إبليس فقد عبد إبليس. وقال ع تأخير التوبة اغترار وطول التسويف حيرة والاعتلال على الله هلكة والإصرار على الذنب امن لمكر الله ولا يامن لمكر الله إلا القوم الخاسرون. وقال ع: إظهار الشئ قبل ان