الشيخ حمد البيك دام مجده في جبل عامل:
قصارى ما وصل إليه نظر داعيك بعد مزيد التصويب والتصعيد قصوره عن الإحاطة بأوصاف معاليك الممتدة سرادق مجدها في أوج الجلال إلى أسد بعيد بيد ان لك أدام الله فضلك مناقب بلغت في الاشتهار مبلغ الشمس في رائعة النهار فهي كالضروري لدى كل أحد والبديهي الذي لا يختلج جحوده في خلد منها انك جمعت أشتات مفاخر لم تنلها يد الأواخر والأوائل ورفعت أركان مجد أسس بنائه آباؤك الكرام من وائل ورحت ولك القدح المعلى بغاية تمطر فيها مستقيم وهازل فلا بدع ان جرت مطارف فخرها على غيرها من اجلك اليوم عامل متى عد أعاظم الزمان كنت جذيلها المحكك الذي لا تميله الفحول بغواريها وان ذكر أفاخم الأوان كنت عذيقها المرجب في مشارق الأرض ومغاربها فلا تعقد خناصر الاعداد الا عليك ولا يشار في مجامع الأمجاد بإحدى الاشارتين الا إليك:
وإن رفعت للمجد في الدهر راية ونادى المنادي أيها الناس من لها سبقت إليها من دعاك وحزتها وكنت أحق الناس فيها وأهلها وكم لك من مفاخر روجت بعد الكساد سوقها ووفيت بحمد الله تعالى حقوقها حيث الناهض بهاتيك الحقوق أعز لدى الناس من بيض الأنوق:
ومتى يقال من العصام من الردى * لهج الورى ذاك الأشم الأخشب حمد بن محمود الفعال أجل من * لبس المفاخر في الأنام وانجب وكفاك منقبة إذا ذكر الندى * كرم لحضرتك العلية ينسب ومواقف مشهورة لك في الوغى * حيث القنا والمشرفية تلهب ومعارف قصرت عليك لأنها * بك يا جمال ذوي المعارف انسب وخلائق عم الخلائق نشرها * كالروض غب المزن بل هي أطيب وشمائل تحكي النسيم وانما * هي من صبا نجد ارق وأعذب وعزائم يعنو لها ليث الشري * في غابة والدهر منها يرهب وسياسة عجب الأنام بحسنها * وسداد رأيك في الحوادث أعجب وبلاغة عربية آياتها تليت * فأضحت عن كمالك تعرب ومراتب في المجد عز مرامها * بعدت مدى فالنجم منها أقرب وهناك جم مناقب لا تنتهي * وكواكب الأفلاك أنى تحسب يا واحد الدنيا وأكرم من له * جمل المدايح والثناء تركب وابر من رحم الوفود كأنه * لهم وقد نزلوا بساحته أب وابن الالى ملكوا العلى وتسنموا * مرقى له ظهر المجرة مركب من آل نصار الذين فخارهم * كالشمس إلا أنه لا يحجب شملت مواهبك العفاة فشرقوا * بجميل مدحك في البلاد وغربوا وسرت أياديك الجسام فأخضبت * رحب الفلا والدهر قفر مجدب وأنار طالعك الليالي فانجلت * أظلامها وانجاب عنها الغيهب واللطف منك سجية وجبلة * فيك المحاسن والوفا لك مذهب هذا ولولا ما يجول في البال ويردد في مرآة الخيال اني قد أمللت بما أمليت ذلك الجناب الخطير وأبرمته بتطويل هذا الخطاب على اني من أهل القصور والتقصير لأذعت من جميل أوصاف ذلك الماجد النبيل ما هو أطيب أرجا من العبير وجمعت جوامع الكلم الفصيح جمع تصحيح لا جمع تكسير وأودعت في مطاوي هذا الكتاب دررا فحاويها أجلى من رونق الشباب وغررا معانيها أحلى من رضاب الخود الكعاب فان من النثر والشعر ما هو كالشعر كلما طال زاد في الجمال وكالحياة تتمنى النفوس بعد مداها وان لا تقف على منتهاها وكالتشكي والتناجي بين المحبين إذا التقيا بعد البين في الليل الداجي:
ولربما ساق المحدث بعض ما * ليس المقام إليه بالمحتاج (1) وحيث انتهى جري جواد القلم إلى هذا المقام فلنختم الكلام.
كتابه إلى الشيخ حسين السلمان أحد امراء جبل عامل وهذا كتاب له إلى بعض زعماء عاملة والظاهر أنه إلى الشيخ حسين السلمان حاكم بنت جبيل لما صرح به من أن أسمه الشيخ حسين وانه وائلي وتلك العشيرة تنتسب إلى وائل وإنما تحاشى من ايضاح اسمه لما كان بينه وبين بني عمه حكام تبنين من المنافسة وهو كان أشد اتصالا بحكام تبنين:
ما نظمت جواهر الألفاظ في زواهر القعود ورسمت فضائل الأفاضل في صحائف الوجود وتحلت رسائل الأحباب بنظام الدر النضيد وتجلت عرائس أذهانهم في مرايا بيانهم من كل مكان بعيد وتوجت صحفهم بتيجان المودة والاتحاد وأدرجت مكنونات سرائرهم بين بياض القرطاس وسواد المداد بأحسن من ألفة رحمانية وحكمة ربانية ألفت بين الأرواح وان تناءت الأشباح ومزجت بعضها ببعض مزج الراح بالماء القراح ولم تزل تزف عرائس المحبة في هوادج الهيام وتقود خيول المودة بزمام الغرام وتزجي قلاص الاخلاص من كل فج عميق حتى أدخلتها من حرم الأفئدة ذلك البيت العتيق فنظرت كعبة القلب وقد ارخي عليها ستار الجلال ورمقت مقام الضمير وقد حلي بحلي الكمال فطافت بتلك المرابع طواف القدوم وسعت ما بين صفا تلك المشاعر ومروة هاتيك الرسوم ثم أذنت لأتباعها بضرب الأخبية في تلك العراص ونادت أطيارها بالتلبية من تلك الأقفاص فخيموا في عرفات الهوى وعرسوا في مشاعر الأحشاء والجوى وبات الارق في منى الآماق ليالي التشريق وأصبح القلق يرمي في الفؤاد حر الحريق فاعجب للطافة المحبة واندراجها وسريانها في طبائع أهل الفضل وامتزاجها حيث ظهرت رموزها وبدت دفائنها وكنوزها ولاحت على جبهات الطروس كأمثال الشموس سلاما محررا مدى المدى بمداد الاخلاص محبرا ودعاء على كر الجديدين مكررا إلى جناب من شرع بصافية المجد والفخار وخلف للواردين تكفف الأسئار فخر العشائر والقبائل وبدر سماء المكرمات من آل وائل والقطب الأعظم لدائرة الكمال وجزل النائل والمشار إليه من الأعاظم والأكابر بالأنامل روضة المجد الباسقة الأنوار والجنا والحسنة التي قد محى بها الدهر ما جنى من عشقته ابكار المعاني فهو زوجها في هذا الزمان وهن عليه قاصرات الطرف لم يطمثهن انس قبله ولا جان كريم الشيم وفي الذمم وعلي المجد والهمم جناب الشيخ حسين المفخم لا زال إن شاء الله تعالى بالعنايات الربانية مؤيدا وبالالطاف الإلهية مسددا ما مدت المراسيل لقصر ممدود البيد يدا:
أما بعد فالمقصود الأصلي من جري جواد القلم في هذا الميدان مفصوم الشكيمة مرخي العنان انما هو الاستفسار عن صحة تلك الذات التي هي جزيرة خالدات المفاخر والكمالات والاستخبار عن سلامة هاتيك