وفي تهذيب التهذيب: قال المبرد عن أبي عثمان المازني سئل علي بن موسى الرضا ع يكلف الله العباد ما لا يطيقون قال وأعدل من ذلك، قال يستطيعون أن يفعلوا ما يريدون قال هم أعجز من ذلك اه.
أقول المراد والله العالم انهم لا يستطيعون ان يفعلوا ما يريدون مستغنين عن أقدار الله لهم، ويأتي في اخباره مع المأمون من أجوبة مسائله في أنواع العلوم الشئ الكثير.
ثانيها الحلم وكفى في حلمه تشفعه إلى المأمون في الجلودي الذي كان ذهب إلى المدينة بأمر الرشيد ليسلب نساء آل أبي طالب ولا يدع على واحدة منهن الا ثوبا واحدا ونقم بيعة الرضا ع فحبسه المأمون ثم دعا به من الحبس بعد ما قتل اثنين قبله فقال الرضا يا أمير المؤمنين هب لي هذا الشيخ فظن الجلودي انه يعين عليه فاقسم على المأمون ان لا يقبل قوله فيه فقال والله لا أقبل قوله فيك وأمر بضرب عنقه، وسيأتي ذلك مفصلا في خبر عزم المأمون على الخروج من مرو.
ثالثها التواضع مر في صفته ع عن إبراهيم بن العباس انه كان إذا خلا ونصبت الموائد أجلس على مائدته مماليكه ومواليه حتى البواب والسائس. وعن ياسر الخادم: كان الرضا ع إذا خلا جمع حشمه كلهم عنده الصغير والكبير فيحدثهم ويأنس بهم ويؤنسهم، وروى الكليني في الكافي بسنده عن رجل من أهل بلخ قال: كنت مع الرضا ع في سفره إلى خراسان فدعا يوما بمائدة له فجمع عليها مواليه من السودان وغيرهم فقال له بعض أصحابه جعلت فداك لو عزلت لهؤلاء مائدة فقال ع: ان الرب تبارك وتعالى واحد والأم واحدة والأب واحد والجزاء بالأعمال.
رابعها مكارم الأخلاق مر في صفته ع عن إبراهيم بن العباس انه ع ما جفا أحدا بكلام قط ولا قطع على أحد كلامه حتى يفرع منه وما رد أحدا عن حاجة قدر عليها ولا مد رجليه ولا اتكأ بين يدي جليس له قط ولا شتم أحدا من مواليه ومماليكه ولا تفل قط ولا قهقه في ضحكه بل يتبسم. وروى الكليني في الكافي بسنده انه نزل بأبي الحسن الرضا ع ضيف وكان جالسا عنده يحدثه في بعض الليل فتغير السراج فمد الرجل يده ليصلحه فزبره أبو الحسن ع ثم بادره بنفسه فاصلحه ثم قال إنا قوم لا نستخدم اضيافنا. وبسنده عن ياسر ونادر خادمي الرضا ع انهم قالا: قال لنا أبو الحسن صلى الله عليه وآله وسلم ان قمت على رؤوسكم وأنتم تأكلون فلا تقوموا حتى تفرغوا ولربما دعا بعضنا فيقال هم يأكلون فيقول دعوهم حتى يفرغوا.
خامسها الكرم والسخاء سيأتي عند ذكر ولايته للعهد انه وفد عليه من الشعراء إبراهيم بن العباس الصولي فوهب له عشرة آلاف من الدراهم التي ضربت باسمه، وأجاز أبا نواس بثلثمائة دينار لم يكن عنده غيرها وساق إليه البغلة، وأجاز دعبلا الخزاعي بستمائة دينار واعتذر إليه.
وفي المناقب عن يعقوب بن إسحاق النوبختي قال: مر رجل بأبي الحسن الرضا ع فقال له اعطني على قدر مروءتك قال لا يسعني ذلك فقال على قدر مروءتي قال اما هذا فنعم. ثم قال يا غلام اعطه مائتي دينار. قال وفرق ع بخراسان ماله كله في يوم عرفة فقال له الفضل بن سهل ان هذا لمغرم فقال بل هو المغنم لا تعدن مغرما ما ابتعت به اجرا وكرما.
وروى الكليني في الكافي بسنده عن اليسع بن حمزة: كنت في مجلس أبي الحسن الرضا ع وقد اجتمع إليه خلق كثير يسألونه عن الحلال والحرام إذ دخل عليه رجل طوال آدم فقال السلام عليك يا ابن رسول الله رجل من محبيك ومحبي آبائك وأجدادك مصدري من الحج وقد افتقدت نفقتي وما معي ما أبلغ به مرحلة فان رأيت أن تنهضني إلى بلدي ولله علي نعمة فإذا بلغت بلدي تصدقت بالذي توليني عنك فلست موضع صدقة فقال له اجلس رحمك الله واقبل على الناس يحدثهم حتى تفرقوا وبقي هو وسليمان الجعفري وخيثمة وانا فقال أتأذنون لي في الدخول فقال له سليمان قدم الله امرك فقام فدخل الحجرة وبقي ساعة ثم خرج ورد الباب واخرج يده من أعلى الباب وقال أين الخراساني فقال ها انا ذا فقال خذ هذه المائتي دينار واستعن بها في مؤونتك ونفقتك وتبرك بها ولا تتصدق بها عني واخرج فلا أراك ولا تراني ثم خرج فقال سليمان جعلت فداك لقد أجزلت ورحمت فلما ذا سترت وجهك عنه فقال مخافة أن أرى ذل السؤال في وجهه لقضائي حاجته، أ ما سمعت حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المستتر بالحسنة تعدل سبعين حجة والمذيع بالسيئة مخذول والمستتر بها مغفور له أ ما سمعت قول الأول:
متى آته لأطلب حاجة رجعت إلى أهلي ووجهي بمائه سادسها كثرة الصدقات مر عن إبراهيم بن العباس أنه ع كان كثير المعروف والصدقة في السر وأكثر ذلك منه لا يكون الا في الليالي المظلمة.
سابعها الهيبة في قلوب الناس فسيأتي أنه لما خرج للصلاة في مرو ورآه القواد والعسكر رموا بنفوسهم عن دوابهم ونزعوا خفافهم وقطعوها بالسكاكين طلبا للسرعة لما رأوه راجلا حافيا، وانه لما هجم الجند على دار المأمون بسرخس بعد قتل الفضل بن سهل وجاءوا بنار ليحرقوا الباب وطلب منه المأمون أن يخرج إليهم فلما خرج وأشار إليهم أن يتفرقوا تفرقوا مسرعين.
اخباره مع المأمون طلبه إياه من المدينة إلى مرو وجعله ولي عهده كان المأمون متشيعا لأمير المؤمنين علي ع مجاهرا بذلك محتجا عليه مكرما لآل أبي طالب متجاوزا عنهم على عكس أبيه الرشيد ويدل على تشيعه أمور كثيرة نذكر هنا طرفا منها.
1 احتجاجه على العلماء في تفضيل علي ع بالحجج البالغة كما رواه صاحب العقد الفريد ونقلناه بتمامه في الجزء الأول من معادن الجواهر ورواه الصدوق في العيون مسندا.
2 جعله الرضا ع ولي عهده وتزويجه ابنته واحسانه إلى العلويين.
3 تزويجه الجواد ابنته واكرامه واجلاله.
4 قوله أ تدرون من علمني التشيع وحكايته خبر الكاظم ع مع الرشيد وتقدم في سيرة الكاظم ع.
5 إفتاؤه بتحليل المتعة وقوله ومن أنت يا جعل حتى تحرم ما أحل الله في الخبر المشهور.
6 قوله بخلق القرآن وفقا لقول الشيعة حتى عد ذلك من مساوئه.
7 ما ذكره البيهقي في المحاسن والمساوي قال: قال المأمون انصف شاعر الشيعة حيث يقول: