رضي الدين بن طاووس، وجماعة.
وقال السيد في كتابه المسمى ب " البهجة لثمرة المهجة ": أخبرني جدي الصالح - قدس الله روحه - ورام بن أبي فراس - قدس الله روحه - أن الحمصي حدثه أنه لم يبق مفت للامامية على التحقيق بل كلهم حاك وقال السيد عقيب ذلك: والآن فقد ظهر لي أن الذي يفتى به ويجاب على سبيل ما حفظ من كلام المتقدمين.
ولكن هذا الكلام على إطلاقه غير تام، لما نرى من أن ابن البراج قد عاش بعد الشيخ أزيد من عشرين سنة، وألف بعض كتبه كالمهذب بعد وفاة الشيخ وناقش آراءه بوضوح، فعند ذلك لا يستقيم هذا القول على إطلاقه: " لم يبق مفت للامامية على التحقيق بل كلهم حاك ".
وخلاصة القول أن في الكلام المذكور نوع مبالغة، لوجود مثل هذا الفقيه البارع.
مدى صلته بالشيخ الطوسي قد عرفت مكانة الشيخ ومنزلته العلمية، فقد كان الشيخ الطوسي ينظر إليه بنظر الإكبار والإجلال، ولأجل ذلك نرى أن الشيخ ألف بعض كتبه لأجل التماسه فها هو الشيخ الطوسي يصرح في كتابه المفصح في إمامة أمير المؤمنين " بأنه ألف هذا الكتاب لأجل سؤال الشيخ ابن البراج منه، فيقول:
سألت أيها الشيخ الفاضل - أطال الله بقاءك وأدام تأييدك - إملاء كلام في صحة إمامة أمير المؤمنين، علي بن أبي طالب، صلوات الله عليه. (1) كما أنه ألف كتابه " الجمل والعقود " بسؤاله أيضا حيث قال:
أما بعد فانا مجيب إلى ما سال الشيخ الفاضل - أدام الله بقاءه، من إملاء مختصر يشتمل على ذكر كتب العبادات (2).
ونرى أنه ألف كتابه الثالث " الإيجاز في الفرائض والمواريث " بسؤال الشيخ أيضا فيقول:
سألت أيدك الله إملاء مختصر في الفرائض والمواريث (3).
ولم يكتف الشيخ بذلك، فألف رجاله بالتماس هذا الشيخ أيضا إذ يقول:
أما بعد فاني قد أجبت إلى ما تكرر سؤال الشيخ الفاضل فيه، من جمع كتاب يشتمل على أسماء الرجال الذين رووا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعن الأئمة من بعده إلى زمن القائم - عليهم السلام -، ثم أذكر من تأخر زمانه عن الأئمة من رواة الحديث (4).
ويقول المحقق الطهراني في مقدمته على " التبيان "، عند البحث عن " الجمل والعقود ":
قد رأيت منه عدة نسخ في النجف الأشرف، وفي طهران، ألفه بطلب من خليفته في البلاد الشامية، وهو القاضي ابن البراج، وقد صرح في هامش بعض الكتب القديمة بأن القاضي المذكور هو المراد بالشيخ، كما ذكرناه في الذريعة ج 5 ص 145.
ويقول المحقق الشيخ محمد واعظ زاده في تقديمه على كتاب " الرسائل العشر ".
وفي هامش النسخة من كتاب " الجمل والعقود " التي كانت بأيدينا، قد قيد أن الشيخ هو ابن البراج.
وعلى ذلك يحتمل أن يكون المراد من الشيخ الفاضل في هذه الكتب الثلاثة هو الشيخ القاضي ابن البراج، كما يحتمل أن يكون هو المراد في ما ذكره في أول كتاب الفهرس حيث قال:
ولما تكرر من الشيخ الفاضل - أدام الله تأييده - الرغبة في ما يجري هذا المجرى، وتوالى منه الحث على ذلك، ورأيته حريصا عليه، عمدت إلى كتاب يشتمل على ذكر المصنفات والأصول ولم أفرد أحدهما عن الآخر...، وألتمس بذلك القربة إلى الله تعالى، وجزيل ثوابه، ووجوب حق الشيخ الفاضل - أدام الله تأييده -، وأرجو أن يقع ذلك موافقا لما طلبه إن شاء الله تعالى (5).
ونرى نظير ذلك في كتابه الخامس أعني " الغيبة " حيث يقول:
فإني مجيب إلى ما رسمه الشيخ الجليل - أطال الله بقاه -، من إملاء كلام في غيبة صاحب الزمان (6).
وربما يحتمل أن يكون المراد من الشيخ في الكتاب الخامس، هو الشيخ المفيد، ولكنه غير تام لوجهين.
أولا: أنه قد عين تاريخ تاليف الكتاب عند البحث عن طول عمره حيث قال:
فإن قيل ادعاؤكم طول عمر صاحبكم أمر خارق للعادات، مع بقائه - على قولكم - كامل العقل تام القوة والشباب، لأنه على قولكم في هذا الوقت الذي هو سنة سبع وأربعين وأربعمائة...
ومن المعلوم أن الشيخ المفيد قد توفي قبل هذه السنة ب 34 عاما.
أضف إلى ذلك أنه يصرح في أول كتاب الغيبة بأنه " رسمه مع ضيق الوقت، وشعث الفكر، وعوائق الزمان، وطوارق الحدثان "، وهو يناسب أخريات إقامة الشيخ في بغداد، حيث حاقت به كثير من الحوادث المؤسفة المؤلمة، حتى ألجأت الشيخ إلى مغادرة بغداد مهاجرا إلى النجف الأشرف، حيث دخل طغرل بك السلجوقي بغداد عام 447، واتفق خروج الشيخ منها بعد ذلك عام 448، فقد أحرق ذلك الحاكم الجائر مكتبة الشيخ والكرسي الذي يجلس عليه في الدرس، وكان ذلك في شهر صفر عام 449 (7).
أضف إلى ذلك أن شيخ الطائفة ألف كتابا خاصا باسم " مسائل ابن البراج ".، نقله شيخنا الطهراني في مقدمة " التبيان " عن فهرس الشيخ.
أساتذته لا شك أن ابن البراج أخذ أكثر علومه عن أستاذه السيد المرتضى، وتخرج