والموجز، وغيرها، ولم أقف إلا على الثلاثة الأول، ويعبر عنه كثيرا بابن البراج.
13 - وقال المتتبع النوري:... الفقيه العالم الجليل، القاضي في طرابلس الشام في مدة عشرين سنة تلميذ علم الهدى وشيخ الطائفة، وكان يجري السيد عليه في كل شهر دينار الصحيح ثمانية دنانير، وهو المراد بالقاضي على الاطلاق في لسان الفقهاء، وهو صاحب المهذب والكامل والجواهر وشرح الجمل للسيد والموجز وغيرها... توفي - رحمه الله - ليلة الجمعة لتسع خلون من شعبان سنة 481 ه، وكان مولده ومنشأه بمصر.
إلى غير ذلك من الكلمات المشابهة والمترادفة الواردة في كتب التراجم والرجال التي تعرف مكانة الرجل ومرتبته في الفقه وكونه أحد أعيان الطائفة في عصره، وقاضيا من قضاتهم في طرابلس.
ميلاده وموطنه ميلاده: لم نقف على مصدر يعين تاريخ ميلاد المرتجم له على وجه دقيق، غير أن كلمة الرجاليين والمترجمين له اتفقت على أنه توفي عام 481 ه وقد نيف على الثمانين (2)، فعلى هذا فان أغلب الظن أنه - رحمه الله - ولد عام 400 ه أو قبل هذا التاريخ بقليل.
وأما موطنه فقد نقل صاحب " رياض العلماء " عن بعض الفضلاء أنه كان مولده بمصر، وبها منشأه وأخذ منه صاحب المقابيس كما عرفت، ولكن الظاهر أنه شامي لا مصري.
الرزق بحسب الدرجة العلمية قد وقفت في غضون كلمات الرجاليين والمترجمين أن السيد المرتضى كان يجري الرزق على الشيخ الطوسي اثني عشر دينارا وعلى المؤلف ثمانية دنانير، وهذا يفيد أن المؤلف كان التلميذ الثاني من حيث المرتبة والبراعة بعد الشيخ الطوسي في مجلس درس السيد المرتضى، كيف وقد اشتغل الشيخ بالدراسة والتعلم قبله بخمسة عشر عاما، لأنه تولد عام 400 ه أو قبله بقليل وولد الشيخ الطوسي عام 485 ه.
وحتى لو فرض أنهما كانا متساويين في العمر ومدة الدراسة ولكن براعة الشيخ وتضلعه ونبوغه مما لا يكاد ينكر، وعلى كل تقدير فالظاهر أن هذا السلوك من السيد بالنسبة لتلميذيه كان بحسب الدرجة العلمية.
هو الزميل الأصغر للشيخ لقد حضر المؤلف درس السيد المرتضى عام 429 ه، وهو ابن ثلاثين سنة أو ما يقاربه، فقد استفاد من بحر علمه وحوزة درسه قرابة ثمان سنين، حيث أن المرتضى لبى دعوة ربه لخمس بقين من شهر ربيع الأول سنة 436 ه.
فعند ما لبى الأستاذ دعوة ربه، حضر درس الشيخ إلى أن نصب قاضيا في طرابلس عام 438، وعلى ذلك فقد استفاد من شيخه الثاني قرابة ثلاث سنوات، و مع ذلك كله فالحق أن القاضي ابن براج زميل الشيخ في الحقيقة، وشريكه في التلمذ على السيد المرتضى.
ويدل على أن ابن البراج كان زميلا للشيخ لا تلميذا له أمور:
1 - عندما توفي أستاذه السيد المرتضى رحمه الله، كان القاضي ابن براج قد بلغ مبلغا كبيرا من العمر، يبلغ الطالب في مثله مرتبة الإجتهاد، وهو قرابة الأربعين، فيبعد أن يكون حضوره في درس الشيخ الطوسي من باب التلمذ.
2 - إن السيد المرتضى عمل كتابا باسم جمل العلم والعمل " في الكلام والفقه على وجه موجز، ملقيا فيها الأصول والقواعد في فن الكلام والفقه.
وقد تولى شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي شرح القسم الكلامي منه، وهو ما عبر عنه ب " تمهيد الأصول " وقد طبع الكتاب بهذا الاسم وانتشر.
بينما تولى القاضي ابن براج - المترجم له - شرح القسم الفقهي.
ومن هذا يظهر زمالة هذين العلمين، بعضهما لبعض في المجالات العلمية، فكل واحد يشرح قسما خاصا من كتاب أستاذهما.
3 - إن شيخنا المؤلف ينقل في كتابه شرح جمل العلم والعمل " عند البحث عن جواز إخراج القيمة من الأجناس الزكوية ما هذا عبارته: " وقد ذكر في ذلك ما أشار إليه صاحب الكتاب رضي الله عنه، من الرواية الواردة، من الدرهم أو الثلثين، والأحوط إخراجها بقيمة الوقت، وهذا الذي استقر تحريرنا له مع شيخنا أبي جعفر الطوسي، ورأيت من علمائنا من يميل إلى ذلك ".
وهذه العبارة تفيد زمالتهما في البحث والتحرير. هذا فضلا عن أن المترجم عندما يطرح في كتابه (المهذب) آراء الشيخ يعقبه بنقد بناء ومناقشة جريئة، وهذا يعطي كونه زميلا للشيخ لا تلميذا آخذا عنه.
4 - إن الناظر في ثنايا كتاب " المهذب " يرى بان المؤلف - المترجم له - يعبر عن أستاذه السيد المرتضى بلفظة " شيخنا " بينما يعبر عن الشيخ الطوسي بلفظة " الشيخ أبو جعفر الطوسي " لا ب " شيخنا " والفارق بين التعبيرين واضح وبين.
وهذا وإن لم يكن قاعدة مطردة في هذا الكتاب إلا أنها قاعدة غالبية. نعم عبر في " شرح جمل العلم والعمل " عنه ب " شيخنا " كما نقلناه.
5 - ينقل هو رأي الشيخ الطوسي - بلفظ " ذكر " أي قيل، وقد وجدنا موارده في مبسوط الشيخ ونهايته.
ولا شك أن هذا التعبير يناسب تعبير الزميل عن الزميل لا حكاية التلميذ عن أستاذه.
استمرار الاجتهاد والمناقشة في آراء الشيخ لقد نقل صاحب المعالم عن والده - الشهيد الثاني - رحمه الله بأن أكثر الفقهاء الذين نشأوا بعد الشيخ كانوا يتبعونه في الفتوى تقليدا له لكثرة اعتقادهم فيه وحسن ظنهم به، فلما جاء المتأخرون وجدوا أحكاما مشهورة قد عمل بها الشيخ ومتابعوه فحسبوها شهرة بين العلماء، وما دروا أن مرجعها إلى الشيخ وأن الشهرة إنما حصلت بمتابعته.
قال الوالد - قدس الله نفسه -: وممن اطلع على هذا الذي تبينته وتحققته من غير تقليد: الشيخ الفاضل المحقق سديد الدين محمود الحمصي، والسيد