على يديه، وحضر بحث شيخ الطائفة على النحو الذي سمعت، غير أننا لم نقف على أنه عمن أخذ أوليات دراساته في الأدب وغيره.
وربما يقال أنه تتلمذ على المفيد، كما في " رياض العلماء " وهو بعيد جدا، لأن المفيد توفي عام 413 ه، والقاضي بعد لم يبلغ الحلم لأنه من مواليد 400 أو بعام قبله، ومثله لا يقدر على الاستفادة من بحث عالم نحرير كالمفيد.
وقد ذكر التستري صاحب المقابيس أنه تلمذ على الشيخ أبي الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي، أحد تلاميذ المفيد ثم السيد، ومؤلف كتاب " كنز الفوائد " وغيره من المؤلفات البالغة ثلاثين تأليفا (1).
وقال في الرياض ناقلا عن المجلسي في فهرس بحاره: إن عبد العزيز بن البراج الطرابلسي من تلاميذ أبي الفتح الكراجكي، ثم استدرك على المجلسي بأن تلميذه هو القاضي عبد العزيز بن أبي كامل الطرابلسي، لا عبد العزيز بن نحرير.
غير أن التستري لم يذكر على ما قاله مصدرا نعم بحسب طبع الحال فقد أخذ عن مثله.
وربما يقال بتلمذه على أبي يعلى محمد بن الحسن بن حمزة الجعفري، صهر الشيخ المفيد وخليفته، والجالس محله الذي وصفه النجاشي في رجاله بقوله:
بأنه متكلم فقيه قيم بالأمرين جميعا.
ولم نقف على مصدر لهذا القول، سوى ما ذكره الفاضل المعاصر الشيخ كاظم مدير شانه جي في مقدمة كتابه لشرح " جمل العلم والعمل " للقاضي ابن براج.
وربما عد من مشايخه أبو الصلاح تقي الدين بن نجم الدين المولود عام 347 والمتوفى عام 447، عن عمر يناهز المائة، وهو خليفة الشيخ في الديار الحلبية، كما كان القاضي خليفته في ناحية طرابلس.
كما يحتمل تلمذه على حمزة بن عبد العزيز الملقب بسلار المتوفى عام 463، المدفون بقرية خسرو شاه من ضواحي تبريز، صاحب المراسم ولم نجد لذلك مصدرا وإنما هو وما قبله ظنون واحتمالات، وتقريبات من الشيخ الفاضل المعاصر " مدير شانه جي "، وعلى ذلك فقد تلمذ المترجم له على الشيخ أبي عبد الله جعفر بن محمد الدويريستي، ثقة عين، عدل، قرأ على شيخنا المفيد، والمرتضى علم الهدى (2).
وقد ذكر الفاضل المعاصر من مشايخه عبد الرحمان الرازي، والشيخ المقرئ ابن خشاب، ونقله عن فهرس منتجب الدين، غير أنا لم نقف على ذلك في فهرس منتجب الدين وإنما الوارد فيه غير ذلك.
فقد قال الشيخ منتجب الدين: الشيخ المفيد أبو محمد عبد الرحمان بن أحمد الحسين النيسابوري الخزاعي، شيخ الأصحاب بالري، حافظ، ثقة واعظ، سافر في البلاد شرقا وغربا، وسمع الأحاديث عن المؤالف والمخالف، وقد قرأ على السيدين علم الهدى المرتضى، وأخيه الرضي، والشيخ أبي جعفر الطوسي، والمشايخ سالار، وابن البراج، والكراجكي.
وقال أيضا: الشيخ المفيد عبد الجبار بن عبد الله بن علي المقرئ الرازي فقيه الأصحاب بالري، قرأ عليه في زمانه قاطبة المتعلمين من السادة والعلماء، وقد قرأ على الشيخ أبي جعفر الطوسي جميع تصانيفه وقرأ على الشيخين سالار وابن البراج (3).
عام تأليفه كتاب " المهذب " قد ذكر القاضي في كتاب الإجارة تاريخ اشتغاله بكتابه باب الإجارة وهو عام 467.
فالكتاب حصيلة ممارسة فقهية، ومزاولة طويلة شغلت عمر المؤلف مدة لا يستهان بها، وعلى ذلك فهو ألف الكتاب بعد تخليه عن القضاء لأنه اشتغل بالقضاء عام 438، ومارسه بين عشرين وثلاثين عاما، فعلى الأول كتبها بعد التخلي عنه، وعلى الثاني اشتغل بالكتابة في أخريات ممارسته للقضاء.
وعلى ذلك فالكتاب يتمتع بأهمية كبرى، لأنه وقف في أيام توليه للقضاء على موضوعات ومسائل مطروحة على صعيد القضاء، فتناولها بالبحث في الكتاب، وأوضح أحكامها، فكم فرق بين كتاب فقهي يؤلف في زوايا المدرسة من غير ممارسة عملية للقضاء، وكتاب ألف بعد الممارسة لها أو خلالها.
ولأجل ذلك يعتبر الكتاب الحاضر " المهذب " من محاسن عصره.
تلاميذه كان المترجم له يجاهد على صعيد القضاء بينما هو يؤلف في موضوعات فقهية وكلامية، وفي نفس الوقت كان مفيدا ومدرسا، فقد تخرج على يديه عدة من الأعلام نشير إلى بعضهم:
1 - الحسن بن عبد العزيز بن المحسن الجبهاني (الجهياني) المعدل بالقاهرة، فقيه، ثقة، قرأ على الشيخ أبي جعفر الطوسي، و الشيخ ابن البراج، رحمهم الله جميعا.
2 - الداعي بن زيد بن علي بن الحسين بن الحسين الأفطسي الحسيني الآوي، الذي عمر عمرا طويلا كما ذكره صاحب المعالم في إجازته الكبيرة، وهو يروي عن المرتضى، والطوسي، وسلار، وابن البراج، والتقي الحلبي جميع كتبهم وتصانيفهم وجميع ما رووه وأجيز لهم روايته.
3 - الشيخ الإمام شمس الاسلام الحسن بن حسين بن بابويه القمي، نزيل الري، المدعو حسكا، جد الشيخ منتجب الدين الذي يقول نجله في حقه: فقيه، ثقة، قرأ على شيخنا الموفق أبي جعفر جميع تصانيفه بالغري - على ساكنه السلام -، وقرأ على الشيخين: سلار بن عبد العزيز، وابن البراج جميع تصانيفهما.
4 - الشيخ المفيد أبو محمد عبد الرحمان بن أحمد بن الحسين النيسابوري الخزاعي.
5 - الشيخ المفيد عبد الجبار بن عبد الله بن علي المقري الرازي.
وقد توفي بطرابلس، ودفن في حجرة القاضي، كما حكي عن خط جد صاحب المدارك، عن خط الشهيد وكان حيا إلى عام 503.