مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ١ - الصفحة ٢٧٧
مسيطرا على درويش باشا، وامتنع عن الطعام والنوم، وكان يبكي لأبسط الأمور (1).
وفي الأول من حزيران (يونيو) 1771 تلقى والي دمشق عثمان باشا إنذارا من محمد أبي الذهب، قائد القوات المصرية الزاحفة على بلاد الشام، بأن علي بك الكبير قد عينه حاكما لدمشق، وأن على الباشا أن يغادر المدينة فورا ليريح السكان من أذيته (2).
وفي هذه الأثناء كان القلق يزداد لدى سكان صيدا كلما اقترب المصريون من عكا، ويتساءلون إلى أي مدى ستتقدم قوات أبو الذهب؟ ألم تزحف بعد إلى صيدا؟ وترك تجمع القوات المثحالفة حول دمشق بعض الراحة لدى سكان صيدا، وتمنى الجميع حصول عمل حازم، وتوقفت التجارة في المدينة (3).
وفي 7 حزيران (يونيو) 1771 تعرضت القوات المدافعة عن دمشق لهزيمة ساحقة في داريا، وانعكس صدى سقوط دمشق على سكان مدينة صيدا الذين كانوا يستعدون للدفاع عنها، فأصيبوا بالذهول حين بلغهم في الحادي عشر من حزيران نبأ سقوط دمشق (4).
وقرر درويش باشا الخائف، الهروب إلى الأمير يوسف الشهابي الذي سوف يؤمن له المجأ لديه، واستعد لذلك في مساء العاشر من حزيران، لكن سكان المدينة منعوه، وليس ذلك بسبب تركه لهم، ولكن لإجباره على دفع ثمن المفروشات التي أرغمهم على صنعها له، ونام في المدينة، وأذاع بأنه لن يغادرها، ولكنه في الواقع كان ينتظر معونة درزية تسهل له الخروج، وكان يعلق الآمال على الأمير يوسف (5).
وخشي القنصل الفرنسي في صيدا من نوايا السكان السيئة تجاه الجالية الفرنسية، وما قد يترتب على ذلك إذا صحت الإشاعات التي كانت تصله بأن الخان الفرنسي سوف يتعرض للنهب، فجمع التجار الفرنسيين في العاشر من حزيران (يونيو)، وأحاطهم علما بمخاوفه تلك، واستشارهم فيما يجب القيام به للحفاظ على أنفسه وممتلكاتهم، وبعد المداولات رفع المجتمعون بمخاوفهم إلى سلطات المدينة، التي طمأنتهم وضاعفت الحراسة على الخان ومنزل القنصل (6).
وفي نفس الوقت كتب القنصل الفرنسي في صيدا إلى زميله في القاهرة أميرات، للاتصال بعلي بك لكي يصدر رسائل توصية إلى فائدة أبي الذهب في بلاد الشام، لكي تنعم الجالية الفرنسية في بلاد الشام بالحماية نفسها والامتيازات الممنوحة لها من قبل العثمانيين (7).
وبهروب درويش باشا لم تعد مدينة صيدا تنتظر، سوى تدوم ضابط من قبل محمد بك أبي الذهب لإخضاعها لسلطته، وأصيب السكان بالذعر.
وأغلق القنصل الفرنسي الخان، بانتظار رؤية الهدوء في شكل الحكومة التي سوف تجعله بعيدا عن الخطر، وكان خوفه من الفاتحين الجدد أقل من خوفه من السكان (8).
وتسلم حكم مدينة صيدا أحمد آغا حمود، وهرب معظم السكان بنسائهم وأطفالهم، أشاع المتسلم الجديد النظام، مما حفظ الجالية الفرنسية من تعرضها لأي خطر. واتفق السكان على عدم مقاومة القوات المنتصرة، كما اتفق المتسلم وباقي سلطات المدينة على تسليمها لحجب دم السكان، ووضع أحمد آغا حراسة على الخان الفرنسي، بانتظام قدوم مكلفين من قبل القائد أبي الذهب لحكم لمدينة (9). وكتب الشيخ علي جنبلاط إلى المتسلم يوصيه، بحسن معاملة الجالية الفرنسية والسهر على عدم تعرضها لأية إهانة من قبل السكان (10).
وأرسل الشيخ ظاهر العمر جمركيا من قبله، يرافقه ثلاثة مشايخ من العامليين لإدارة حكم صيدا (11). وفي اليوم الثالث عشر من حزيران أرسل ضابطا من قبله جدد تعيين أحمد آغا حمود كمتسلم للمدينة من قبل الشيخ ضاهر، أذاع في نفس الوقت بأن يطمئن الجميع، وبأن يعود الهاربون إلى صيدا، وأن تستمر الأعمال كما كانت في السابق دون أن يعركها شئ. ثم دخل العامليون إلى المدينة وأقاموا في السراي، وكان يرافقهم ما بين مئة ومئة وخمسين فارسا مما أثار حفيظة رعايا جبل الدروز (12).
وفي الوقت الذي كان من المنتظر فيه أن يتابع محمد بك زحفه، أعلن يوم الثلاثاء 5 ربيع الأول 1185 ه‍ / 18 حزيران 1771 م الانسحاب، دون أن يترك أحدا من قبله في دمشق بل سلم سلطاتها إلى آغا القلعة (13)، مبررا حملته على بلاد الشام:
"... إنه كان سبب مجيئنا لهذه البلاد الشامية لأجل مقابلة عثمان باشا، فلو خرج لنا للخارج ما قارشناكم (قاتلناكم)، وتعرضنا للقلعة أخبرونا أن بها عثمان باشا وأمواله، فلما تحققنا دهابه وأنه ليس بها رفضنا التعرض، وما مرادنا بلدتكم ولا إضراركم وأديتكم... " (14).
ويبدو أن الشيخ علي جنبلاط قد علم بانسحاب القائد المصري، فأرسل في العشرين من حزيران (يونيو) اثنين من أبنائه ومعهما ثلاثماية نفر من رعايا جبل الدروز، لطرد جمركي ظاهر ومشايخ جبل عامل المتواجدين في صيدا.
وبعد التشاور أرسل رعايا جبل الدروز إلى عمال ظاهر في المدينة إنذارا بمغادرتها، فتركها هؤلاء على الفور سعيدين بنجاتهم من رعايا جبل الدروز (15).
وعادت الحركة إلى مدينة صيدا، وحاول السكان إلحاق الأذى بالعامليين والصفديين، ولكن رعايا جبل الدروز حالوا بينهم، وهدأوا الأمور ومنعوا الأهالي من إلحاق أي سوء بالفارين. وبعد اجتماع أهالي صيدا مع التمسلم أحمد آغا حمود أذاع الأخير بيانا باسم السلطان، بأن يعود الجميع إلى أعمالهم، وأرسل حرسا من قبله لحماية الخان الفرنسي من أية إهانة أو أذية (16).
وشعر السكان بالطمأنينة من الحماية التي أمنها لهم الزعيم الجنبلاطي، الذي أبقى أبناءه في المدينة، إلى حين قدوم حاكم شرعي من قبل السلطات العثمانية. وكان الجميع يطالب بضرورة إقالة عثمان باشا والي دمشق وأبنائه درويش ومحمد في صيدا وطرابلس، بسبب سلوكهم السئ والظلم الذي ألحقوه بالسكان (17).

(1) Ibid.
(2) 1771 / 6 / Seyde le 11 B 1035. E. A.
(3) CharlesRoux Francois Les Echelles de Syrie et de Palestine au XV III Siecle 94. p, 1927. Paris.
(4) 1771 / 5 / Seyde le 31 B 1035. E. A.
(5) ibid.
(6) ibid.
(7) ibid.
(8) P 94,. op cit. Roux - Charles.
(9) cit. Loc.
(10) 1771 / 6 / Seyde le 12 B 1035. E. A.
(11) 1771 / 6 / Seyde le 28 B 1035. E. A.
(12) 1771 / 6 / Seyde le 31 B 1035. E. A.
(13) 1771 / 6 / Seyde le 28 B 1035. E. A.
(14) سليمان المحاسني: حلول التعب والآلام بوصول أبي الذهب بلاد الشام، بيروت 1935، ص 35.
(15) 177 / 6 / Seyde le 28 B 1035. E. A.
(16). ibid (17) ibid.
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة - آتش حيدر علي فيضي - آصف الدولة - إبراهيم شرارة 5
2 إبراهيم العلوي بن حسين - إبراهيم مجتهد - أبو الحسن شمس آبادي - أبو الفضل الطهراني - أحمد القزويني بن السيد حميد 10
3 أحمد آل كاشف الغطاء - السيد أحمد الخونساري - أبو العلاء المعري 12
4 أحمد بن منير الطرابلسي 15
5 إسماعيل الصفوي 18
6 أفضل الدين الكاشاني 19
7 أسامة بن منقذ - انشاء الله خان - أنيس 21
8 باقر كاشف الغطاء - باقر أمين الورد - باقر سماكة بن الشيخ محمد - باقر عبد الغني - بدران المزيدي 22
9 البرسيين - بزرك أبو الحسن علوي 23
10 تقي الشيخ راضي - توفيق الفكيكي - جابر الشكري بن عزيز - جرأت - جعفر الخليلي 24
11 جعفر همدر 25
12 جواد علوش - جون 28
13 حبيب بن محمد - حسن علي نجابت - حسين الخادمي - ابن سينا 30
14 حسين القزويني 35
15 حسين معتوق - أبو نواس الحسن بن هاني 36
16 حسن البحراني 40
17 الحسين بن نما الحلي 41
18 حيدر الآملي 42
19 حيدري - خضر المهراني - خضر الطائي - الخطاطون في العهد الصفوي 43
20 الخليل الفراهيدي 46
21 خليل مغنية 47
22 خليل ياسين 48
23 دبير - دبيس المزيدي - دعبل الخزاعي 50
24 رجل من بني ليث - ذو فقار الدولة - راضي آل ياسين 51
25 رضي ذو النوري - راغب حرب - رحيم آرباب - زاير البرسي - سبط الحسن الجايسي - سعد صالح 52
26 سعيد نفيسي - سكينة بگم - سليم حيدر 53
27 سليمان عبد الجبار - سودا - شاكر هادي شكر - شهدة - صادق شفق 56
28 صادق الفحام - صالح الشهرستاني - صدر الدين الصدر 58
29 صدر الدين شرف الدين - صدر الدين الدهلوي - صفي 59
30 الضحاك المشرفي - ضياء الدين الخالصي - ضياء الدين العراقي 60
31 طاهر بن يحيى - طه باقر - الطفيل - طلائع بن رزيك 61
32 ظالم بن عمرو أبو الأسود الدؤلي 62
33 ظالم بن شراق - عابس الشاكري - العباسيون 64
34 عارف الحر 79
35 عباس اقبال 80
36 عباس أبو الحسن 81
37 عباس القمي - عباس الشيرازي - عباس القرشي 82
38 عباس الهمداني 83
39 عبد الحسين دست غيب - عبد الحسين الأميني - عبد الحسين الحلي 84
40 عبد الحسين نور الدين 85
41 عبد الرؤوف الأمين 86
42 عبد الرضا صادق 89
43 عبد الرضا المطبعي - عبد العزيز بن البراج 91
44 عبد الصاحب الحكيم - عبد الكريم الخليل 97
45 عبد الكريم بن طاووس - عبد الكريم الهاشمي - عبد الله الجزائري 100
46 عبد الله التستري - عبد الله الشيرازي - عبد الله الكلبي - عبد الله الطائي 101
47 عبد الله وعبد الرحمن الغفاريان - عبد الله أحمديه 102
48 عبد الله الشيرازي - عبد الله الصائغ 103
49 عبد الله بن سلمة - عبيد الله الكوفي - عبد المطلب الحلي 106
50 عبد المطلب الأمين 107
51 عبد المهدي مطر 112
52 عبد الله الجعفي - علي إبراهيم 115
53 علي رضا عباسي 117
54 علي أكبر دهخدا 119
55 علي أكبر نواب - علي الأنصاري الشيرازي - سيف الدولة علي بن حمدان 121
56 علي بن عبد الله بن العباس - علي البحراني - علي النوري 124
57 علي آل شبانة - علي البهبهاني - علي الشيرازي 125
58 علي بن الحسن شميم الحلي 126
59 علي بن حمدون - علي المراغي - علي الهمذاني 127
60 علي الميبدي - علي الخياباني - علي الأبزري - علي نياز - عطية الكوفي - عمرو الأنصاري - عمر الصيداوي - غالب 128
61 غلام رضا سرخي - فاضل الجمالي 129
62 فؤاد عباس 148
63 فتى من أهل الكوفة - الفضل بن جعفر - الفضل بن الزبير الكوفي 149
64 القاسم بن معية - القاسم بن مظاهر - قيس النابغة الجعدي 154
65 قيس النجاشي - كليب الجرمي - الكميت 155
66 لطف الله العاملي 160
67 لطف الله البحراني - ماجد الصادقي - عضد الدين المبارك الأسدي 162
68 مجيد العطار 163
69 محمد بن أبي بكر الهمذاني - محسن جمال الدين - محسن الموسوي - محمد أبو نصر الفارابي 164
70 محمد أبو النديم 174
71 محمد بن إدريس الحلي 178
72 محمد باقر - محمد حسين الكازروني - محمد الحسيني - محمد المتخلص - محمد الشيرازي - محمد معصوم - محمد الكازروني الطبيب - محمد الدهدار الشيرازي - محمد نصير الدين 179
73 محمد مهدي حجاب الشيرازي - محمد بن يوسف الشيرازي - محمد بن الحسين الشيخ البهائي 180
74 محمد الغفاري كمال الملك 181
75 محمد باقر الدهلوي - محمد صادق بحر العلوم - محمد بهشتي 183
76 محمد تقي بهار 184
77 محمد الحجة - محمد جمال الهاشمي 185
78 محمد حرز الدين - محمد الخليلي 186
79 محمد حسن الحكيم 187
80 محمد أبو جعفر الطوسي 188
81 محمد تقي الآملي 199
82 محمد جواد باهنر - محمد حسين آزاد - محمد الطباطبائي - محمد رضا الشبيبي 200
83 محمد رضا القمي - محمد شريف خان - محمد مفتح - محمد بن الأبار 204
84 محمد الشويكي 205
85 محمد شرارة 206
86 محمد حسين الشهرستاني 210
87 محمد صادق نشأت - محمد رضا شرف الدين 211
88 محمد آل شبانة - محمد صدوقي 212
89 محمد الأردوبادي - محمد علي بري - محمد الشيباني 213
90 محمد علي خاتون - محمد الصاحبي - محمد الجزائري - محمد المدرسي 218
91 محمد المعصومي - محمد بن طباطبا - محمد جواد - محمد ناصر 219
92 محمد علي اليعقوبي 221
93 محمد بن عمر الكشي - محمد قسام - محمد قطب شاه 222
94 محمد قلي قطب شاه - دول الهند الشيعية - محمد كال شعيب 223
95 محمد المقدادي القمي 225
96 محمد بن المبارك الكرخي - محمد نصير الدين الطوسي 228
97 محمد بن مكي الشهيد الأول - محمد الجبي 237
98 محمد هاشم الأشكوري 240
99 محمد بن هاني الأندلسي 241
100 محمد يوسف مقلد 243
101 محمد بن المبارك الكرخي 244
102 محمد مهدي البصير 245
103 محمود بن الياس الشيرازي - محمود الحبوبي 246
104 محمود الحمصي 249
105 محمود الشاهرودي - محمود الطالقاني - محمود بن مسعود الشيرازي - محيي الدين شمس الدين 250
106 مرتضى مطهري - مزيد المزيدي - مصطفى جواد 252
107 معاذ بن مسلم الهراء - المقداد السيوري - مهيار الديلمي 253
108 موسى الزين شرارة 268
109 موسى سيار الشيرازي - مير أمين - مير حسن - مير آبادي 270
110 ناسخ - ناصر الدين الشيخ راشد - نصر الخبز أرزي 271
111 نصير الدين ناصر العلوكي 272
112 ناصيف النصار 274
113 نصر بن علي الحلي - نصير الدين المنازي - نظير - نواب صفوي 280
114 النوار ابنة مالك - هادي النحوي - هادي كمال الدين - هاشم معروف الحسني 283
115 هبة الله بن علي - ابن الشجري 284
116 ورام الحلي - يحيى القرشي - يزدن التركي 285
117 يزيد بن قيس - يزيد بن زياد الكندي - يزيد بن مفرغ 286
118 يحيى بن البطريق 289
119 يعقوب بن داود 290
120 يوسف بن المطهر - يوسف رجيب - يونس الأردبيلي - الأمويون والإسلام والعروبة 291
121 الشيعة يحمون العالم الإسلامي 296
122 الحجاج بن يوسف 299
123 كلمة الختام 301