الشاهاني. وقد قال منفذ الاغتيال (حسين امامي) امام المحكمة التي تحاكمه (لقد أصبح من الواضح لدينا - فدائيان اسلام - ان اعمال هجير وزير البلاط هي اعمال خيانية ضد مصالح الوطن والشعب وضد المصالح الاسلامية وعلى هذا الأساس حكمنا عليه بالاعدام ونفذنا الحكم).
ثم اغتالوا اللواء (رزم آرا) بعد تشكيله الوزارة لأنهم اعتقدوا أنه أضر بمصالح الأمة بعقده اتفاقية النفط مع الشركة البريطانية (بي - بي)، ولم يحالفهم الحظفي محاولة اغتيال رئيس الوزراء (حسين علاء) الذي وقع على معاهدة السنتو (حلف بغداد) ولكنه حالفهم في اغتيال (حسين علي منصور) رئيس الوزارة التي أقرت الحصانة القضائية للأمريكيين في إيران.
وبفضل اتفاقهم مع الجبهة الوطنية التي كان يرئسها الدكتور مصدق ودعمهم لها استطاع مصدق ان يأتي إلى الحكم ويشكل حكومة وطنية برئاسته ويقدم على تأميم النفط في إيران. ولكن (الفدائيين) لم يقنعهم تأميم النفط وحده، فقد كان طموحهم أن يقيم الحكومة الاسلامية لذلك اختلفوا معه.
ويقول السيد اللواساني: ان الخلاف بين المنظمة والدكتور مصدق نشأ نتيجة لخرق مصدق اتفاقية كانت بينه وبينهم بشأن تطبيق أحكام الاسلام، إذ كانت المنظمة قد اخذت عهدا من الجبهة الوطنية على تطبيق احكام الإسلام، وكان الوسيط بين الفريقين السيد أبو القاسم الكاشاني حيث لم تكن المنظمة على اتصال وثيق بالجبهة الوطنية. ثم تم لقاء بين المنظمة والجبهة وتعهد الجبهويون بالالتزام بوعدهم. وبعد اغتيال (رزم آرا) آخر رئيس حكومة قبل مصدق اضطرت السلطات للالتقاء بنواب صفوي والتشاور معه حول الحكومة الجديدة فأوكل ذلك إلى الدكتور مصدق والجبهة الوطنية، فقامت حكومة مصدق ولكن كان أكثر وزرائها هم وزراء حكومة (رزم آرا) أنفسهم، ومن هنا بدأت الخلافات بين نواب صفوي والدكتور مصدق ثم اشتدت هذه الخلافات برفض موافقة حكومة مصدق على تطبيق أحكام الاسلام وفقا لما جرى عليه الاتفاق بين الطرفين.
وادى الأمر إلى أن حكومة مصدق اعتقلت أعضاء في منظمة فدائيان اسلام ونفتهم إلى الأماكن النائية ثم اعتقلت نواب صفوي نفسه وأودعته السجن.
ويقول اللواساني انه خلال وجود صفوي في السجن حاول الشيوعيون السجناء في السجن نفسه، ان يقابلوه ويتحالفوا معه في محاربة العدو المشترك (حكومة مصدق) التي كان الشيوعيون في عداء معها، ولكن صفوي رفض هذا اللقاء ورفض أي بحث في هذا الموضوع وقال (ليس لنا هدف مشترك مع أحد، اننا مسلمون وفي جهاد مستمر مع كل معاد للدين ونحارب على عشر جبهات لوحدنا، نحن لا نعترف بالهدف المشترك).
وكان يقول (قد تستفيد روسيا من جهادنا الفعلي في مقاومة أميركا لكن هذا لا يدل على اننا متفقون مع السوفيت نحن في جهادنا مع أمريكا نسير وفقا لأهدافنا، ونحاول الا يستفيد أعداؤنا الآخرون من هذا الجهاد، إلا أنه شئنا أم أبينا فإنهم يستفيدون ولو بعض الشئ).
وكانت نهاية نواب صفوي ومنظمة فدائيان اسلام) انه بعد انقلاب زاهدي و عودة الشاه إلى طهران، اخذت السيطرة العسكرية تبسط سلطانها وأخذ الحكم يشدد قبضته على البلاد مدعوما من القوى الأمريكية، وأخذت السجون تمتلئ بالناس والاعدامات تنفذ، فقبض على صفوي فيمن قبض عليهم بتهمة الاعداد لاغتيال رئيس الوزراء (علاء)، وتم القبض عليه بعد فشل عملية الاغتيال وقدم إلى المحاكمة هو وعدد من أنصاره واستمرت المحاكمة شهرين حكم في نهايتها عليه وعليهم بالاعدام رميا بالرصاص.
وصودف ان كان يوم اعدامه يوم ذكرى وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاعتبرها الإيرانيون مكرمة له.
وقالت جريدة التايمس البريطانية وهي تنشر خبر اعدامه واعدام رفاقه:
(باعدام أعضاء فدائيان اسلام ابعد الغرب عن طريقه أخطر عدو عرض مصالح الغرب للخطر في السنين الأربعة الماضية) (انتهى).
اننا ونحن نستعرض حركة نواب صفوي (فدائيان اسلام) ليخطر في ذهننا حركة سبقتها هي حركة حسن البنا (الاخوان المسلمون) في مصر التي نشأت أول امرها صغيرة في مدينة الإسماعيلية سنة 1928 ثم اتسعت وامتدت حتى انضم إليها في مصر وحدها مئات الألوف.
وإذا اعتبرنا أن التأسيس الفعلي لفدائيان اسلام يعود تاريخه إلى سنة 1945 كانت المدة الفاصلة بين تأسيس الحركتين سبعة عشر عاما وبالرغم من التشابه وشبه التطابق بين أهداف فدائيان اسلام والاخوان المسلمين، فلا شك أن نواب صفوي لم يستوح أحدا حين خطط لحركته وأهدافها، وان هذا التشابه بين الحركتين ناتج من طبيعة الأهداف التي هي واحدة لكل من يفكر بالدعوة للرجوع إلى الحكم الاسلامي.
ومن التطابق بين خطة كل من الحركتين انهما توسلتا السلاح لتحقيق الأهداف، وصممتا على استعمال القوة لتبديل الحكم. فاغتال الاخوان المسلمون رئيس الوزراء احمد ماهر ثم رئيس الوزراء الآخر محمود فهمي النقرشي كما اغتالوا مدير الشرطة سليم زكي والقاضي احمد الخزندار، ولم ينجحوا في محاولة اغتيال جمال عبد الناصر.
كذلك فعل فدائيان اسلام فقد اغتالوا أحمد كسروي، واغتالوا (هجير) وزير البلاط الشاهاني ورزم آرا رئيس الوزراء ولم ينجحوا في محاولة اغتيال رئيس الوزراء (علاء).
وكانت نهاية كل من رئيس الحركتين رميا بالرصاص، رئيس الاخوان رصاص الاغتيال ورئيس (فدائيان) برصاص الاعدام.
ولكن الشئ الذي اختلفت فيه الحركتان كل الاختلاف هو ان حسن البنا لم يكن مستعجلا في تحقيق أهدافه فهو لم يقدم على العمل الفعلي الا بعد مضي سنين على تأسيس الحركة وترسيخ قواعدها وانضمام مئات الألوف إليها.
اما نواب صفوي فقد كان مستعجلا كل الاستعجال، لذلك اقدم على ما أقدم عليه قبل أن يبلغ المنتمين إلى حركته الألوف لا مئات الألوف، وقبل أن تنتشر جذورها في كل مكان.
ومن هنا رأينا أن حركة الاخوان إذا كانت تأثرت تأثرا كبيرا باغتيال مرشدها، لكنها لم تمت لأنها استطاعت أن تجد للمرشد بديلا ثم بديلا ثم بديلا وظلت تعيش شديدة صلبة وإن كانت قد فقدت وهجها السابق.
على العكس من حركة (فدائيان) فقد كان القضاء على رئيسها وبعض مساعديه كافيا للقضاء عليها إلى الأبد، لأنها لم تكن مستطيعة في المدة القصيرة