مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ١ - الصفحة ٢٢٧
عثراتهم، فليس من كانت زلته بادرة، وخطيئته مبتكرة كمن كان في الغي متهوكا، وبعرا الاصرار عليه متمسكا، ومن صادفه جاهلا بقدره، نابذا مصلحته وراء ظهره وعرف خلوص دخلته وسلامة صدره، إلا أنه عن مصلحة شانه غافل، وعن حلى العلم الذي هو قيمة المرء عار عاطل، أيقظه من هجوع الاعترار بالأمل، ونبهه على أن الأمل لا يغنى بغير عمل، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم أوحي إليه: وأنذر عشيرتك الأقربين. وقال: يا بني هاشم، يا بني عبد المطلب إنني لا أغني عنكم من الله شيئا، إئتوني بأعمالكم ولا تأتوني بأنسابكم، إن أكرمكم عند الله أتقاكم. ومن ألفاه منهم ذاهبا في مجاهل الجهال، وسادرا في مهاوي الضلال، ومشايعا في احتقاب الأوزار، وهاتكا لأستار التصون والاستتار، واجهه خاليا بالتقريع والتقييد، وزجره بالإخافة والوعيد، فإن أنجع ذلك وأفاد، ورجع عن جهالته وعاد، وإلا قوم من ميده واعوجاجه، ووقف به على سبيل الحق ومنهاجه، وإن قرف أحدهم بجريمة أو رمي بجريرة فلا يعجل عليه بالمؤاخذة أو لا يسرع إليه بإجراء المقابلة، بل يتثبت إلى أن يقف بالبحث والايضاح، على الحق المحض الصراح، قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) فان اتضح ما قرف به وزن بسببه، نظر فإن كان مما أوجب الله فيه حدا من الحدود أقامه، من غير تعد على سلكه المحدود فيه ونظامه، قال الله سبحانه وتعالى: (تلك حدود الله فلا تعتدوها) وقال تعالى: (ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون). وقال سبحانه: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون). ولا يجرمنه احتقابه الجرائم من نظر اعتنائه، ولا إقامة حد الله فيه من ملاحظته وإرعائه، (فأهل) هذا النسب وإن تفاوتت أحوالهم، وتباينت أعمالهم، خصوا بالاصطفاء، ووسموا بالاجتباء، قال الله تعالى: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله، ذلك هو الفضل الكبير) وأمره بصرف همته إلى مصالح اليتامى وتخصيصهم من الإعناء، وتخويلهم من الارعاء بما ينسيهم ذلة اليتم وفقد الآباء، فمن كان منهم غنيا فيثمر ماله، ويهذب خلاله، وينفق عليه بالمعروف، لا شطط ولا تبذير، ولا تضييق ولا تقتير، فإذا بلغ الأشد وأنس منه الرشد، سلم ماله موفورا إليه، وأشهد بقبضه عليه، قال الله تعالى:
(وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فان آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم) إلى قوله: (فاشهدوا عليهم). ومن كان فقيرا فليثن عنان العناية إلى ما يعود بإصلاح أمره، وليصرف همه إلى جبر كسره، إلى حين استوائه، وتهذب أنحائه، وليدر عليه من الوقوف بالمعروف وليكن به عطوفا، وله أبا رؤوفا، وأمره بالنظر في أمر الأيامى بعين الاعتناء، وتزويجهن من الأضراب والأكفاء، وتحصينهن بالاحصان لا بالمنع والنسيان فإن التناكح مدد الوجود وقوامه، وبه يستتب أمره ويتسق نظامه، قال الله تعالى: (وانكحوا الأيامى منكم). وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تناكحوا تناسلوا أباه بكم الأمم يوم القيامة. وليتوخ تطهير عقود نكاحهن من أدناس الالتباس، وينزهها من أدران الأنجاس، قال الله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت وليطهركم تطهيرا). وأمره بصونه هذا النسب الكريم، والبيت الماجد العظيم، من تنحل الأدعياء، وانتماء الزنماء، فإن صادف من يدعي من ذلك ما لا يقوم البرهان على صحته، ولا تشهد الاستفاضة والشيوع بدحض حجته، صب عليه سوط التأديب، وردعه بزواجر التهذيب، فإن كفه الردع، وزجره المنع، وإلا وسمه بميسم يعرف به تنحله، ويشيع به كذبه وتقوله، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ملعون ملعون من انتسب إلى غير أبيه وادعى إلى غير مواليه. هذا عهد أمير المؤمنين إليك، وحجته عليك، هداك به إلى طريق الرشاد، وحداك في سبيل السداد، فاهتد بأنواره، واتبع لرشيد آثاره، تظفر بمغانم الرشاد، وتفز في المبدأ والمعاد، والله ولي التوفيق، لأرشد جدد وأقوم طريق، وكتب في سادس عشر شهر ربيع الأول من سنة ثلاث وستمائة والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد النبي المصطفى وآله وسلامه، رب أختم بخير. صورة العلامة الشريفة تحت البسملة (الناصر لدين الله). صورة خط الوزير نصير الدين أبي الحسن ناصر بن مهدي العلوي بين سطوره... ".
ولمكين الدين القمي أي مؤيد الدين في آخر عمره منشور كتبه بأمر الخليفة الناصر فيه تجديد الفتوة، قال ابن الساعي: قرأ المنشور عليهم (على رؤساء الفتيان) المكين أبو الحسن محمد بن محمد القمي كاتب ديوان الإنشاء المعمور وهو من إنشائه وهذه نسخته:
بسم الله الرحمن الرحيم، من المعلوم الذي لا يتمارى في صحته، ولا يرتاب في براهينه وأدلته، أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - هو أصل الفتوة ومنبعها، ومنجم أوصافها الشريفة ومطلعها، وعنه تروى محاسنها وآدابها، ومنه تشعبت قبائلها وأحزابها، وإليون غيره تنتسب الفتيان، وعلى منوال مؤاخاته النبوية الشريفة نسج الرفقاء والاخوان، وأنه كان عليه السلام مع كمال فتوته، ووفور رجاحته يقيم حدود الشرع على اختلاف مراتبها، ويستوفيها من أصناف الجناة على تباين جناياتها أو مللها ونحلها ومذاهبها، غير مقصر عما أمر به الشرع المطهر وحرره، ولا مراقب فيما رتبه من الحدود وقرره، امتثالا لأمر الله تعالى في إقامة حدوده، وحفظا لمناظمة الشرع وتقويم عموده، فإنه عليه السلام فعل ذلك بمرأى من السلف الصالح ومسمع، ومشهد من خيار الصحابة ومجمع، فلم يسمع أن أحدا من الأمة لامه، ولا طعن عليه طاعن في حد أقامه، وحقيق بمن أورثه الله مقامه، وناط به شرائع الإسلام وأحكامه، وانتمى إليه عليه السلام في فتوته، واقتفى شريف شيمه وكريم سجيته، أن يقتدي به عليه السلام في أفعاله، ويحتذي فيما استرعاه الله تعالى واضح مثاله، غير ملوم فيما يأتيه من ذلك ولا معارض فتوة ولا شرعا فيما يورده ويصدره، وقد رسم - أعلى الله المراسم العلية، المقدسة النبوية الإمامة وزادها نفاذا معضودا بالصواب، وتأييدا ممتد الأطناب محكم الأسباب - على كل من تشرف بالفتوة برفاقة الخدمة الشريفة المقدسة، المعظمة الممجدة المكرمة الطاهرة الزكية النبوية الامامية، الناصرة لدين الله تعالى - شرف الله مقامها وأخلد أيامها، وأعلى كلمتها ونصر رايتها - أنه من قتل رفيق له نفسا نهى الله تعالى عن قتلها وحرمه، وسفك دما حقنه الشرع المطهر وعصمه، وصار بذلك ممن قال الله تعالى في حقه، حيث أرتكب هذا المحرم، واحتقب عظيم هذا المأثم:
(ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها) (الآية) أن ينزل عنه في الحال في جمع الفتيان عند تحققه لذلك ومعرفته ويبادر إلى تغيير رفقته، مخرجا له بذلك عن دائرة الفتوة، التي كان متسما بها، مسقطا له من عداد الرفاقة التي لم يقم بواجبها: (ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم). وأن كل فتى يحوي قاتلا ويخفيه، ويساعده على أمره ويؤويه، ينزل كبيره عنه ويغير رفاقته، ويتبرأ منه وأن من حوى ذا عيب فقد عاب وغوى ومن آوى طريد الشرع فقد
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة - آتش حيدر علي فيضي - آصف الدولة - إبراهيم شرارة 5
2 إبراهيم العلوي بن حسين - إبراهيم مجتهد - أبو الحسن شمس آبادي - أبو الفضل الطهراني - أحمد القزويني بن السيد حميد 10
3 أحمد آل كاشف الغطاء - السيد أحمد الخونساري - أبو العلاء المعري 12
4 أحمد بن منير الطرابلسي 15
5 إسماعيل الصفوي 18
6 أفضل الدين الكاشاني 19
7 أسامة بن منقذ - انشاء الله خان - أنيس 21
8 باقر كاشف الغطاء - باقر أمين الورد - باقر سماكة بن الشيخ محمد - باقر عبد الغني - بدران المزيدي 22
9 البرسيين - بزرك أبو الحسن علوي 23
10 تقي الشيخ راضي - توفيق الفكيكي - جابر الشكري بن عزيز - جرأت - جعفر الخليلي 24
11 جعفر همدر 25
12 جواد علوش - جون 28
13 حبيب بن محمد - حسن علي نجابت - حسين الخادمي - ابن سينا 30
14 حسين القزويني 35
15 حسين معتوق - أبو نواس الحسن بن هاني 36
16 حسن البحراني 40
17 الحسين بن نما الحلي 41
18 حيدر الآملي 42
19 حيدري - خضر المهراني - خضر الطائي - الخطاطون في العهد الصفوي 43
20 الخليل الفراهيدي 46
21 خليل مغنية 47
22 خليل ياسين 48
23 دبير - دبيس المزيدي - دعبل الخزاعي 50
24 رجل من بني ليث - ذو فقار الدولة - راضي آل ياسين 51
25 رضي ذو النوري - راغب حرب - رحيم آرباب - زاير البرسي - سبط الحسن الجايسي - سعد صالح 52
26 سعيد نفيسي - سكينة بگم - سليم حيدر 53
27 سليمان عبد الجبار - سودا - شاكر هادي شكر - شهدة - صادق شفق 56
28 صادق الفحام - صالح الشهرستاني - صدر الدين الصدر 58
29 صدر الدين شرف الدين - صدر الدين الدهلوي - صفي 59
30 الضحاك المشرفي - ضياء الدين الخالصي - ضياء الدين العراقي 60
31 طاهر بن يحيى - طه باقر - الطفيل - طلائع بن رزيك 61
32 ظالم بن عمرو أبو الأسود الدؤلي 62
33 ظالم بن شراق - عابس الشاكري - العباسيون 64
34 عارف الحر 79
35 عباس اقبال 80
36 عباس أبو الحسن 81
37 عباس القمي - عباس الشيرازي - عباس القرشي 82
38 عباس الهمداني 83
39 عبد الحسين دست غيب - عبد الحسين الأميني - عبد الحسين الحلي 84
40 عبد الحسين نور الدين 85
41 عبد الرؤوف الأمين 86
42 عبد الرضا صادق 89
43 عبد الرضا المطبعي - عبد العزيز بن البراج 91
44 عبد الصاحب الحكيم - عبد الكريم الخليل 97
45 عبد الكريم بن طاووس - عبد الكريم الهاشمي - عبد الله الجزائري 100
46 عبد الله التستري - عبد الله الشيرازي - عبد الله الكلبي - عبد الله الطائي 101
47 عبد الله وعبد الرحمن الغفاريان - عبد الله أحمديه 102
48 عبد الله الشيرازي - عبد الله الصائغ 103
49 عبد الله بن سلمة - عبيد الله الكوفي - عبد المطلب الحلي 106
50 عبد المطلب الأمين 107
51 عبد المهدي مطر 112
52 عبد الله الجعفي - علي إبراهيم 115
53 علي رضا عباسي 117
54 علي أكبر دهخدا 119
55 علي أكبر نواب - علي الأنصاري الشيرازي - سيف الدولة علي بن حمدان 121
56 علي بن عبد الله بن العباس - علي البحراني - علي النوري 124
57 علي آل شبانة - علي البهبهاني - علي الشيرازي 125
58 علي بن الحسن شميم الحلي 126
59 علي بن حمدون - علي المراغي - علي الهمذاني 127
60 علي الميبدي - علي الخياباني - علي الأبزري - علي نياز - عطية الكوفي - عمرو الأنصاري - عمر الصيداوي - غالب 128
61 غلام رضا سرخي - فاضل الجمالي 129
62 فؤاد عباس 148
63 فتى من أهل الكوفة - الفضل بن جعفر - الفضل بن الزبير الكوفي 149
64 القاسم بن معية - القاسم بن مظاهر - قيس النابغة الجعدي 154
65 قيس النجاشي - كليب الجرمي - الكميت 155
66 لطف الله العاملي 160
67 لطف الله البحراني - ماجد الصادقي - عضد الدين المبارك الأسدي 162
68 مجيد العطار 163
69 محمد بن أبي بكر الهمذاني - محسن جمال الدين - محسن الموسوي - محمد أبو نصر الفارابي 164
70 محمد أبو النديم 174
71 محمد بن إدريس الحلي 178
72 محمد باقر - محمد حسين الكازروني - محمد الحسيني - محمد المتخلص - محمد الشيرازي - محمد معصوم - محمد الكازروني الطبيب - محمد الدهدار الشيرازي - محمد نصير الدين 179
73 محمد مهدي حجاب الشيرازي - محمد بن يوسف الشيرازي - محمد بن الحسين الشيخ البهائي 180
74 محمد الغفاري كمال الملك 181
75 محمد باقر الدهلوي - محمد صادق بحر العلوم - محمد بهشتي 183
76 محمد تقي بهار 184
77 محمد الحجة - محمد جمال الهاشمي 185
78 محمد حرز الدين - محمد الخليلي 186
79 محمد حسن الحكيم 187
80 محمد أبو جعفر الطوسي 188
81 محمد تقي الآملي 199
82 محمد جواد باهنر - محمد حسين آزاد - محمد الطباطبائي - محمد رضا الشبيبي 200
83 محمد رضا القمي - محمد شريف خان - محمد مفتح - محمد بن الأبار 204
84 محمد الشويكي 205
85 محمد شرارة 206
86 محمد حسين الشهرستاني 210
87 محمد صادق نشأت - محمد رضا شرف الدين 211
88 محمد آل شبانة - محمد صدوقي 212
89 محمد الأردوبادي - محمد علي بري - محمد الشيباني 213
90 محمد علي خاتون - محمد الصاحبي - محمد الجزائري - محمد المدرسي 218
91 محمد المعصومي - محمد بن طباطبا - محمد جواد - محمد ناصر 219
92 محمد علي اليعقوبي 221
93 محمد بن عمر الكشي - محمد قسام - محمد قطب شاه 222
94 محمد قلي قطب شاه - دول الهند الشيعية - محمد كال شعيب 223
95 محمد المقدادي القمي 225
96 محمد بن المبارك الكرخي - محمد نصير الدين الطوسي 228
97 محمد بن مكي الشهيد الأول - محمد الجبي 237
98 محمد هاشم الأشكوري 240
99 محمد بن هاني الأندلسي 241
100 محمد يوسف مقلد 243
101 محمد بن المبارك الكرخي 244
102 محمد مهدي البصير 245
103 محمود بن الياس الشيرازي - محمود الحبوبي 246
104 محمود الحمصي 249
105 محمود الشاهرودي - محمود الطالقاني - محمود بن مسعود الشيرازي - محيي الدين شمس الدين 250
106 مرتضى مطهري - مزيد المزيدي - مصطفى جواد 252
107 معاذ بن مسلم الهراء - المقداد السيوري - مهيار الديلمي 253
108 موسى الزين شرارة 268
109 موسى سيار الشيرازي - مير أمين - مير حسن - مير آبادي 270
110 ناسخ - ناصر الدين الشيخ راشد - نصر الخبز أرزي 271
111 نصير الدين ناصر العلوكي 272
112 ناصيف النصار 274
113 نصر بن علي الحلي - نصير الدين المنازي - نظير - نواب صفوي 280
114 النوار ابنة مالك - هادي النحوي - هادي كمال الدين - هاشم معروف الحسني 283
115 هبة الله بن علي - ابن الشجري 284
116 ورام الحلي - يحيى القرشي - يزدن التركي 285
117 يزيد بن قيس - يزيد بن زياد الكندي - يزيد بن مفرغ 286
118 يحيى بن البطريق 289
119 يعقوب بن داود 290
120 يوسف بن المطهر - يوسف رجيب - يونس الأردبيلي - الأمويون والإسلام والعروبة 291
121 الشيعة يحمون العالم الإسلامي 296
122 الحجاج بن يوسف 299
123 كلمة الختام 301