محمد بن أحمد بن المندائي الواسطي لما قدمها وقال الشعر ومدح سيدنا ومولانا الامام المفترض الطاعة على كافة الأنام الناصر لدين الله أمير المؤمنين - خلد الله ملكه - بقصائد كثيرة وكان يوردها في المواسم والهناءات، وخدم في أشغال الديوان العزيز - مجده الله - ونظر في ديوان التركات الحشرية وتولى كتابة المخزن المعمور ثم ولي صدرية المخزن بعد عزل أبي الفتوح بن أبي المظفر في ليلة عاشر ذي القعدة سنة خمس وستمائة مضافا إلى النظر بدجيل وطريق خراسان و الخالص والخزانة والعقار وغير ذلك من أعمال الحضرة ولم يزل على ذلك إلى أن عزل في يوم السبت الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة وستمائة. وتوفي يوم السبت النصف من شعبان سنة ست وستمائة ودفن بمقابر قريش ". وذكره ياقوت الحموي قال: " محمد بن منصور بن جميل أبو عبد الله (ابن أبي) العز (1) الكاتب، نحوي لغوي أديب من أفاضل العصر. قدم بغداد في صباه وقرأ الأدب ولازم مصدق بن شبيب (الواسطي) النحوي حتى برع في النحو واللغة وقرأ الفقه والفرائض والحساب وقال الشعر ومدح الناصر فعرف واشتهر ورتب كاتبا في ديوان التركات مدة ثم ولي نظره ثم ولي الصدرية بالمخزن ثم عزل واعتقل وأفرج عنه بعد مدة ورتب وكيلا للأمير عدة الدين ابن الناصر وكان كاتبا بليغا مليح الخط، غزير الفضل، متواضعا مليح الصورة، طيب الأخلاق. مات في شعبان سنة 616 " (2) وذكره في الكلام على " جبا " من معجم البلدان قال: " وجبا أيضا قرية قرب هيت قال أبو عبد الله الدبيثي منها أبو عبد الله محمد بن أبي العز بن جميل " وأختصر ما ذكره ابن الدبيثي في تاريخه. وترجم له المنذري في وفيات سنة 616 المذكورة قال: " وفي النصف من شعبان توفي الشيخ الأجل أبو عبد الله محمد بن أبي العز بن جميل الجبائي المولد البغدادي الدار، ببغداد ودفن بمقابر قريش، قرأ القرآن الكريم وقرأ الأدب والفرائض والحساب " إلى أن قال " وتقلب في خدمة الديوان العزيز وهو منسوب إلى جبا قرية من نواحي هيت وهي بضم الجيم وتشديد الباء الموحدة وفتحها وألف وهي مقصورة " (3).
وترجم له القفطي في أحد كتبه قال: " محمد بن جميل - وجميل جده - وهو أشهر من أبيه ولا يعرف إلا به، وأبوه أبو العز بن جميل من أهل جبا قرية (قرب) هيت. دخل إلى بغداد في أول عمره وقرأ على مشايخها المتأخرين، وتولى عدة خدم ديوانه في أيام الامام الناصر أحمد بن المستضئ، منها صدرية المخزن، وصرف دفعات، وكان فيه فضل وأدب وله شعر، وكان يظن بنفسه الكثير حتى لا يرى أحدا مثله، وقد كان أنشا مقامات ظهر منها قطعة رأيتها في جملة أجزاء أحضرت من بغداد إلى حلب للبيع وهي بخطه وكان خطا متوسطا صحيح الوضع، فيه تلتبس نقط ثابتة لا تكاد تتغير، وشعره جيد مشهور مصنوع لا مطبوع، وكان ظالم النفس فيما يتولاه، وتولى الترك (4) الحشرية في أول أمره ثم تولى عدالة المخزن (كذا) ثم توصل حتى تولى صاحب مخزن، وقال يوما لبعض العاملين: خف عذابي فإنه أليم شديد. فقال له الرجل:
فاذن أنت الله لا إله إلا هو. فخجل ولم يمنعه ذلك ولم يردعه عما أراده من ظلمه وكان ببغداد تاجر يعرف بابن العينبري (5) وكان صديقا له، فلما حضرته الوفاة سأله الحضور إليه، فلما حضر قال له: أنا طيب النفس بموتي في زمان ولايتك ليكون جاهك (على) أطفالي وعيالي. فوعده بهم جميلا، فلما مات حضر إلى تركته وباشرها فرأى فيها... ألف دينار (6) عينا، فأخذها وحملها إلى الامام الناصر وأصحبها مطالعة منه يقول فيها: مات ابن العنيبر - ورث الله الشريعة أعمار الخلائق وقد حمل المملوك (يعني نفسه) من المال الحلال الصالح للمخزن... ألف دينار وهو في عهدة تبعتها (7) دنيا وآخرة وسأله بعض التجار والغرباء العناية بشخص في إيصال حقه إليه من المخزن فوعده ومطله وكان ذلك بعد أن تولى صاحب المخزن وكانت جامكيته وهو عدل خمسة دنانير في الشهر فلما ولي الصدرية قرر له عشرة دنانير، فقال التاجر الشافع - وكان يدل عليه فدفعت إليه في كل يوم بدانق (8). قال له: كيف؟
قال: لأنك كنت عدلا أقرب منك حالا اليوم. وأشار إلى أنه لما زيد رزقه ورفعت مرتبته بجبر يصير زيادة (9) وهي سدس درهم وهو الدانق أهمل جانب الله وباعه بذلك. وما بعد عهده وأخجله الله وصرفه عن ذلك وسجن مدة ثم بعد ذلك أنعم عليه بأن جعل كاتبا في باب دار الأمير عدة الدين أبي نصر (محمد) ولي العهد فأقام مدة ومات وهو على ذلك (بعد) ستة شهور سنة (ست) عشرة وستمائة " (10).
وذكره ابن الفوطي في الملقبين بمجد الدين قال: " مجد الدين أبو عبد الله محمد بن أبي العز منصور بن جميل الجبي صاحب المخزن، ذكره محب الدين ابن النجار في تاريخه وقال: " ولد بالجبة من أعمال هيت وقدم بغداد وقرأ بها الأدب حتى برع في النحو واللغة والحساب، وكان مقبول الشكل. مدح الامام الناصر ورتب كاتبا في ديوان التركات ثم ولي صدرية المخزن سنة خمس وستمائة. وكان كاتبا بليغا مليح الخط، غزير الفضل، كتب شعره في كتاب (نظم الدرر الناصعة) (11) وتوفي في منتصف شعبان سنة ست عشرة وستمائة ".
وذكره أبو شامة وفي ذكره فائدة، قال في وفيات سنة 616 ه: " وفيها توفي ببغداد محمد بن جميل صاحب مخزن الخليفة ومولده بهيت وكان فاضلا بارعا، وقدم علينا بدمشق ابن ابنته (يعني سبطه) وهو شاب فاضل يلقب فخر الدين له خط حسن وصورة جميلة ونزل عندنا بالمدرسة العزيزية ثم توجه إلى الحجاز مع جماعة فضلاء). وجاوروا " (12). وأرخه الذهبي في تاريخه بما هو موجز ما قيل قبله وقال في إيجازه: " مات كهلا ". (13) ولم يخل الجلال السيوطي بغية الوعاة (14) من ذكره بما يشبه ما ذكره به ياقوت.
وقال ابن الساعي في حوادث سنة 605: " وفي ليلة الأربعاء سابع ذي القعدة المذكور عزل عضد الدين أبو الفتوح ابن رئيس الرؤساء عن صدرية المخزن المعمور وحول من الدار التي كان يسكنها، وولي عوضه مجد الدين أبو