دراسته الأولى (1) بعد أن ألم بعلوم اللغة والأدب تحول إلى دراسة الفقه والمنطق والحكمة والرياضيات... فتعلم الفقه عند والده وحضر مدة دروس خاله (نور الدين علي بن محمد الشيعي)، أما مقدمات المنطق والحكمة فيذكر البعض أنه تتلمذ فيها على خاله أيضا، وقد درس مقدمات في الرياضيات بمدينة طوس عند (كمال الدين محمد حاسب). رحل بعد ذلك إلى مدينة نيشابور، التي كانت تعد عهدئذ مركزا علميا هاما وموطنا لجمع من كبار الحكماء والفقهاء والعلماء والفضلاء، ومكث فيها مدة يختلف إلى مجالسهم وينهل منها الحكمة والمعرفة، حتى صار في عنفوان شبابه بارعا ضليعا في أكثر الفنون والعلوم... ويبدو أنه رحل عن تلك الديار قبل أن تتعرض نيشابور لحملة جيش التاتار الذي ألحق بها الهلاك والدمار. فسافر إلى مدينة (الري) ومنها توجه إلى بغداد والموصل حيث حضر مجالس كبار العلماء، وقد درس في الموصل عند (كمال الدين بن يونس الموصلي) ثم نال إجازة من (سالم بن بدران المصري) الذي كان يعد من كبار فقهاء الشيعة ثم عاد إلى وطنه.
أساتذته 1 - وجيه الدين محمد بن الحسن: وهو جد نصير الدين، يعد من فقهاء ذلك العصر ومحدثيه، تعلم عنده الفقه والحديث. ومحمد بن الحسن هذا، هو تلميذ السيد فضل الله الراوندي والذي هو تلميذ المرتضى علم الهدى (2).
2 - نور الدين علي بن محمد الشيعي: وهو خال المترجم، كان من العلماء. ويذهب بعض المؤرخين إلى أن المترجم تعلم مقدمات المنطق والحكمة عند خاله ولكنهم لم يوردوا اسم هذا الخال، إلا أن ابن الفوطي الذي ذكر ذلك أيضا صرح باسم خاله (نور الدين علي بن محمد الشيعي).
3 - نصير الدين أبو طالب عبد الله بن حمزة الطوسي: وهو خال أبيه (محمد بن الحسن)، وكان من كبار علماء الإمامية. سمع المترجم عنده الحديث وحصل منه على إجازة في روايته. أن نصير الدين هذا يروي عن عفيف الدين محمد بن الحسن الشوهاني وهذا يروي عن الشيخ المفيد عبد الجبار المقري والأخير يروي عن شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي.
وبناء على هذا التسلسل فان الخواجة نصير الدين يتصل بشيخ الطائفة الطوسي عبر أربع وسائط.
4 - فريد الدين النيشابوري: أبو محمد الحسن بن محمد بن حيدر الفريومدي النيشابوري وهو رجل حكيم وأصولي، عرف ب " الداماد ".
يذهب أكثر المؤرخين إلى أن فريد الدين هذا كان تلميذ صدر الدين علي بن ناصر السرخسي النيشابوري والذي هو تلميذ أفضل الدين الجيلاني، والجيلاني هذا كان تلميذا لابن العباس اللوكري تلميذ بهمنيار الذي تتلمذ بدوره على (أبو علي بن سينا). وبناء على التسلسل هذا فان المترجم يعد تلميذ ابن سينا عبر خمس وسائط ثم هو تلميذ الامام الفخر الرازي بعد واسطة واحدة.
لقد تعلم المترجم كتاب الإشارات للشيخ (ابن سينا) عند فريد الدين كما أخذ عنه في الحكمة أيضا.
5 - قطب الدين المصري (المقتول في 618 ه): وهو إبراهيم بن علي بن محمد السلمي، أصله من المغرب، ولأنه أقام مدة من حياته في مصر فقد أطلق عليه لقب المصري عندما استقر في خراسان.
وهو من ألمع تلامذة الإمام الفخر الرازي. وبعد وفاة الإمام الرازي اتسعت دائرة نشاطه وإفاداته في نيشابور حيث كان يقصده الطلاب من مختلف الأمصار و البلدان ليفيدوا من علومه ودروسه. وقد قتل المصري عندما غزا المغول مدينة نيشابور. من تأليفاته، شرح ل (قانون) ابن سينا. ويبدو أن المترجم درس عنده في علوم الحكمة والطب.
6 - كمال الدين بن يونس الموصلي (المتوفى ب 14 أو 15 شعبان سنة 639 ه): هو أبو الفتح موسى بن أبي الفضل يونس بن محمد، كان جامعا لجميع العلوم وماهرا ضليعا في كل الفنون، خاصة رياضيات أقليدس، الهيأة، المخروطات المتوسطات، ال (مجسطي)، الحساب، الجبر، المقابلة، الموسيقي، الفقه وأصول الفقه، وكان متميزا قديرا نحريرا لم يبلغ درجته العلمية أي واحد من أقرانه ورفاقه.
أما المترجم فقد استفاد من دروسه - في بغداد أو الموصل - حيث أخذ عنه شيئا من علوم الرياضيات والحكمة.
7 - معين الدين المصري: هو أبو الحسن سالم بن بدران المازني، من كبار فقهاء الشيعة وله عدة مصنفات حول مذهب الإمامية. لقد وصفه صلاح الدين الصفدي في كتاب (الوافي بالوفيات) بأنه شيعي معتزلي وكذلك فعل محمد بن شاكر في كتاب (فوات الوفيات).
وهو من تلاميذ ابن إدريس الحلي صاحب كتب (السرائر)، وقد روى عن السيد عز الدين أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحسيني الحلي صاحب كتاب (غنية النزوع).
كان المترجم الطوسي من تلاميذه في الفقه وأصول الفقه كما كان مجازا من قبله، وننقل فيما يلي نص الإجازة.
" قرأ علي جميع الجزء الثالث من كتاب " غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع " من أوله إلى آخره قراءة تفهم وتبين وتأمل، مستبحث عن غوامضه، عالم بفنون جوامعه، وأكثر الجزء الثاني من هذا الكتاب وهو الكلام في أصول الفقه. الإمام الأجل العالم الأفضل الأكمل الأورع المثقف المحقق نصير الملة والدين وجيه الإسلام والمسلمين سند الأئمة والأفاضل مفخر العلماء والأكابر أفضل أهل خراسان محمد بن محمد بن الحسن الطوسي زاد الله في علائه وأحسن الدفاع عن حوبائه، وأذنت له في رواية جميعه عني وعن السيد الأزهر العالم الأوحد الطاهر الزاهر البارع عز الدين أبي المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحسيني قدس الله سره ونور ضريحه وجميع تصانيفه وجميع تصانيفي ومسموعاتي وقراءاتي واجازاتي عن مشايخي ما أذكر أسانيده وما لم أذكر إذا ثبت عنده وما لعلي أن أصنفه.
وهذا خط أضعف خلق الله وأفقرهم إلى عفوه سالم بن بدران بن علي