وبذلك ظهر لك ضعف المحكي عن المبسوط وغيره من التخيير بين الأول والأخير وإن كان هو أقرب من السابق باعتبار إرادة الوجوب من الأمر، إلا أن فيه أيضا خروجا عن ظاهره من التعيين إلى التخيير بلا مقتض، إذ لا أمر في هذا الحال بقراءة السورة كي يجمع بينهما بالتخيير، كما أنه لا دليل على تقييد الأمر بالقراءة من حيث قطع بما إذا اختار التبعيض.
كما أنه ظهر لك حينئذ سقوط البحث عن عدم إعادة الفاتحة وإعادتها إن لم يختر القراءة من حيث قطع حتى لو ابتدأ بسورة ولو أخرى غير المقروة أولا الذي منشأه التردد في كون الموجب لها ختم الأولى كما هو مقتضى صحيحي البزنطي (1) وعلي بن جعفر (2) أو قراءة سورة أخرى كما هو مقتضى إطلاق صحيح الحلبي (3) أو القراءة من غير موضع القطع لظهور صحيح زرارة ومحمد بن مسلم (4) في اشتراط سقوط الفاتحة بالقراءة من حيث قطع، مع احتمال إرادة ذلك أيضا من الأخرى في صحيح الحلبي (5) على معنى قراءة أخرى، فتجب حينئذ باختيار غيره مطلقا، ضرورة أن لا موضوع للبحث من أصله على المختار، وإن كان الأقوى بناء على غيره عدم الإعادة أيضا مطلقا حتى لو ابتدأ بسورة أخرى، فضلا عن قراءة البعض من غير موضع القطع، أو إعادة ما قرأ من السورة، لوجوب تقييد إطلاق صحيح الحلبي (6) بالصحيحين الآخرين (7)