ظهرت أم لعذاب، ولذا كانت سببا للتخويف وتجديدا للزجر، فأمر الناس بأن يفزعوا إلى خالقهم عند حصولها ليصرف عنهم شرها ويقيهم مكروهها كقوم يونس، بل خبر (1) الزلزلة كالصريح في الفورية المزبورة، وكذا صحيح محمد بن مسلم وبريد بن معاوية (2) عن الباقر (عليه السلام) المشتمل على الأمر بالصلاة للكسوف أو بعض الآيات ما لم تخف ذهاب وقت الفريضة، ضرورة ابتناء ذلك على تضيق صلاة الكسوف، وإلا لم تعارض واجبا مضيقا صلاة أو غيرها، كما أنها لا ينبغي صلاتها على الراحلة ونحوها مما يفوت بعض الواجبات فيها، مع أن علي بن الفضيل الواسطي (3) كتب إلى الرضا (عليه السلام) " إذا انكسف الشمس أو القمر وأنا راكب لا أقدر على النزول فكتب إليه صل على مركبك الذي أنت عليه " ولولا تضيقها ما جاز صلاتها عليه، إلى غير ذلك من النصوص الظاهرة في ذلك بل لعلها ظاهرة في التوقيت بمعنى وجوب الشروع في الفعل حال حصول الآية لا الفورية بمعنى إن لم يفعل المكلف في أول الأزمنة وجب الفعل في ثانيها إذ ذاك إن قلنا به فهو في الفور الحاصل من مجرد الأمر ولو من القرينة بخلاف ما نحن فيه المستفاد من الأدلة كما عرفت وجوب الشروع في الفعل عند حصول السبب، ولولا ما تسمعه من الأدلة على وجوب الفعل في ثاني الأزمان على من علم وأهمل أو نسي كان المتجه السقوط كالجاهل بحصول السبب حتى خرج بحيث لم يصدق الفعل عنده، لأصالة البراءة بعد ظهور الأدلة في وجوب الفعل حاله فأشبه الموقت من هذه الجهة حتى استحق اسم القضاء واحتاج في ثبوت الوجوب عليه في الأزمنة المتأخرة إلى فرض جديد.
ومما يومي إلى ذلك اتفاقهم ظاهرا في الزلزلة على كونها من باب الأسباب