ثم قال: ويبقى الاشكال أيضا في صورة يظن الفريق الأول حصول جمعة متأخرة مع عدم علم أصحابها بالجمعة المتقدمة، وحينئذ فالحكم بصحة السابقة لا يصفو عن كدر الاشكال، وقد أطنب الأستاذ الأكبر في شرح المفاتيح والمحكي من حاشيته على المدارك في الانتصار لما سمعته عن الروض، والمناقشة للذخيرة والمدارك مدعيا أنه مراد الأصحاب فقال: ما حاصله أن البعد بثلاثة أميال شرط في الواقع. فإذا صلى الفريقان في الأدون على التعاقب مع علم كل من الفريقين بصلاة الآخر فلا بد في صحة السابقة من علم أصحابها بالسبق، ولا يكفي الظن، لعدم الدليل على حجيته، بل الأصل والعمومات قاضيان بعدمها، والعلم بالسبق مع البعد في الجملة من المحالات العادية، ولا يمكن تحققه إلا في صورة صدور كل واحد من الفريقين بمحضر من الآخر، وحينئذ فدخول السابقين في الصلاة حرام، لكونه مفوتا للواجب الذي هو تحصيل الوحدة في الجمعة فيما دون ثلاثة أميال، لأن السابقين واللاحقين مخاطبون بتحصيل الوحدة التي هي شرط، وهي واجبة، كما هم مخاطبون باتيان الجمعة، وليس الخطاب مختصا بفريق دون آخر، فإذا بادر فريق فربما لم يتيسر للآخر الدخول معهم، فتصير المبادرة منشأ لترك الفريضة، فتجب على السابقين ترك السبق حتى يتفق أولئك معهم، وتحصيل الوحدة التي قد خوطبوا بها جميعا، قولكم: إن إمام الفريق اللاحق يصير فاسقا جوابه أن إمام السابقين كذلك لعدم امتثاله الأمر بالوحدة، فإن قلت: لعل كل فريق لا يعتقد بإمام الفريق الآخر، لأنا نقول: إن كان كل فريق منهم يحكم ببطلان صلاة الآخر خرجت المسألة عن فرضها، لأن ما نحن فيه إنما هو وقوع جمعتين صحيحتين عند الجميع لولا السبق واللحوق ولذا لم يتعين صحة صلاة فريق منهم إلا بالسبق، نعم لو كان إمام الأصل موجودا تعين على الجميع الحضور عنده، وهو أيضا خلاف الفرض، وكذا يخرج عن الفرض ما إذا أراد السابقون تحصيل الوحدة والإطاعة إلا أن الفريق الآخر يمنعونهم من ذلك
(٢٥١)