فإن الصحة على هذا الفرض ليست من جهة السبق، بل لو كانوا هم اللاحقين لصحت صلاتهم أيضا.
فظهر أن نظر الفقهاء ليس إلى هذه الصورة، بل مرادهم من سبق إحداهما تحقق السبق بعد الدخول في الصلاة، وأنه يشترط حينئذ عدم العلم بجمعة أخرى، ولا يجب تحصيل العلم بعدم جمعة أخرى، بل يكفي العلم الشرعي بالعدم، وهو الاستصحاب، فعلى هذا يتعين ما في الروض، ويعلم يقينا أنه هو مراد الفقهاء، وليس مرادهم أنهم حين الدخول علموا سبقهم، لأن الدخول حرام كما عرفت، ولا يكفي عند الفقهاء عدم العلم بالسبق كما في المدارك كما كفى عندهم عدم العلم بجمعة أخرى، لأنه يلزم على ذلك أن حصول العلم بجمعة أخرى غير مضر ما لم يحصل العلم بالسبق، ويلزمه صحة الجمعات المتعددة الكثيرة في مكان واحد، إذ بعد العلم بالسبق يحصل جمعة صحيحة، فلا يصلون أخرى، فتأمل، مع أن الشروط معتبرة عندهم في أول الصلاة، وأنه لا تبرأ الذمة إذا وقع الاشتباه في السبق، وأيضا لو كان عدم العلم كافيا في الصحة تكون الجمعتان صحيحتين قطعا، وإلا فكيف يكفي عدم العلم بالسبق مع أنهم حكموا بفساد الجمعتين من جهة عدم العلم بالسابقة، واختلفوا فيما يلزمهم إعادته هل هو الظهر أو الجمعة أو الجميع.
قلت: يمكن أن يكون إطلاق الأصحاب صحة السابقة مبنيا على ما إذا لم يحصل ما ينافي نية القربة، بل المراد من حيث السبق واللحوق مع اجتماع باقي الشرائط، فما كان فاسدا حينئذ من جهة أخرى خارج عن محل النزاع، فلا جهة حينئذ للتقييد بما سمعت ولا للايراد بأن اجتماع أهل الفرسخ لجمعة واحدة واجب على الجميع، ولا لغير ذلك مما سمعت، أو يكون مبنيا على عدم شرطية السبق في صحتها وإن كانت هي التي يحكم بصحتها باعتبار حصول الإمارة الشرعية على صحتها ظاهرا، ضرورة انعقادها صحيحة بوقوعها امتثالا للأوامر المطلقة بها جامعة للشرائط فاقدة للموانع، فيكون حينئذ مقتضي