أنه فصل بينها وبين الصلاة بما لا يخل في الاتصال المعتبر يجب عليه السكوت، أو الاشتغال بغير الكلام من ذكر ونحوه، وهو أمر غريب يمكن دعوى معلومية خلافه من الشريعة، كمعلومية أن له رفع اليد عن الإقامة والصلاة بدونها، فأقصى ما في الكلام حينئذ ذلك لا الحرمة التعبدية، ومن ذلك ظهر لك أنه لا ريب في قوة ما ذكرناه من الجمع - خصوصا مع ملاحظة ما سمعته والشهرة والأصل والاطلاقات وغيرها وضعف الجمع المزبور.
وأضعف منه احتمال حمل نصوص الجواز على إرادة ذلك لكن مع بطلان الإقامة بشهادة قول الصادق (ع) في صحيح محمد بن مسلم (1): (لا تتكلم إذا أقمت الصلاة فإنك إذا تكلمت أعدت الإقامة) ضرورة قصوره عن صرف ظاهر النصوص المزبورة من جواز الكلام وعدم بطلان الإقامة به، إذ هو المسؤول عنه، فالأولى حينئذ حمل الخبر المزبور على استحباب الإعادة الذي صرح به غير واحد من الأصحاب، بل أضعف منهما معا الجمع بحمل نصوص التحريم على ما بعد قول: (قد قامت) في الجماعة بغير ما يتعلق بالصلاة، والجواز على الانفراد بدعوى ظهور كل منهما في ذلك، فلا جهة للجمع بينها بالكراهة، إذ هو يمكن كونه خرقا للاجماع المركب، اللهم إلا أن يدعى تنزيل كلام المحرمين على ذلك، وعلى كل حال فقد عرفت أن ما ذكرناه أولى منه من وجوه.
وأضعف من ذلك احتمال الجمع أيضا بحمل نصوص الجواز على الاضطرار والعدم على الاختيار، مع أن في بعض النصوص المزبورة ما هو كالصريح في الاختيار، نحو قوله (ع): (إن شاء) وما شابهه.
ثم إن الظاهر كراهة الكلام أيضا فيما بين الأذان والإقامة في صلاة الغداة كما