ولقد أجاد والد المجلسي فيما حكي عنه وإن كان لا يخلو من النظر في بعض ما حكي يعرف مما ذكرناه، قال: لم يثبت عندي استحباب رعاية ما اصطلح عليه أهل التجويد من الوقف اللازم والتام والحسن والكافي والجائز والمجوز والمرخص والقبيح، لأنها من مصطلحات المتأخرين ولم يكن في زمان أمير المؤمنين (ع)، فلا يمكن حمل كلامه عليه إلا أن يقال غرضه (ع) رعاية الوقف على ما يحسن بحسب المعنى أو على ما يفهمه القاري، ولا ينافي حدوث تلك الاصطلاحات، ثم قال: ويرد عليه أيضا أن هذه الوقوف إنما وضعوها على حسب ما فهموه من تفاسير الآيات، وقد وردت الأخبار (1) الكثيرة في أن معاني القرآن لا يفهمها إلا أهل بيت نزل عليهم القرآن، ويشهد له إنا نرى كثيرا من الآيات كتبوا فيها نوعا من الوقف بناء على ما فهموه، ووردت الأخبار المستفيضة بخلاف ذلك المعنى، كما أنهم كتبوا الوقف اللازم في قوله سبحانه: (وما يعلم تأويله إلا الله) على آخر الجلالة، لزعمهم أن الراسخين في العلم لا يعلمون تأويل المتشابهات، وقد وردت الأخبار (2) المستفيضة في أن الراسخين في العلم هم الأئمة (ع) وهم يعلمون تأويلها، مع أن المتأخرين من مفسري العامة والخاصة رجحوا في كثير من الآيات تفاسير لا توافق ما اصطلحوا عليه في الوقوف.
وأنت خبير أن ذلك كله يمكن دفعه بأن المراد لمحافظة على معنى الوقف التام والحسن لا خصوص ما تخيلوه، وما ورد (3) من اختصاص علم القرآن بهم (ع) لا ينافي اتباع الظاهر لنا مما لم يرد فيه نص منهم (ع)، ولعل التحقيق قصر الندب في الوقوف على ما يندرج منه في الترتيل الثابت في القرآن وغيره، بل ربما