إطلاق ما حكي من إجماعي المعتبر والذكرى، ويؤيده خلو النصوص، عن الأمر به في سائر المراتب، ودعوى أن إهمال الأصحاب ذلك لمعلوميته، وإلا فهو مخير من أول الأمر بين الائتمام والتعلم كما في كل واجب مخير، خصوصا والجماعة أفضل الفردين يمكن منعها على مدعيها، وإن أمكن دعوى شهادة كلامهم في الجملة لها في باب الجماعة، إلا أن الأقوى الأول، والتخيير إنما هو بين الصلاة فرادى وجماعة لا بين التعلم والجماعة، وفرق واضح بينهما.
ومن ذلك كله يظهر لك ما في مصابيح الطباطبائي، قال: وظاهر الأصحاب وجوب التعلم وإن أمكنه الاقتداء والقراءة في المكتوب، بل صرح بعضهم بترتبها على العجز عنه، قال: وفيه أن وجب التعلم ليس إلا لتوقف العبادة عليه، ومتى أمكن الاتيان بها بدونه لم يجب، فإن ثبت الاجماع كما في المعتبر والذكرى، وإلا اتجه القول بنفي الوجوب لانتفاء ما يدل عليه، وإن كان فيه اعتراف وشهادة على بعض ما ذكرنا، والله أعلم.
وكيف كان (فإن ضاق الوقت) عن التعليم مع التقصير فيه وعدمه (قرأ ما تيسر منها) على إشكال في صورة التقصير، لاحتمال عدم قبول ذلك منه، لأن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار وإن لم نقل إن أوامر الشرع إرشادية بحيث يصح توجهها إليه حال الامتناع، لكن يعامل معاملة المختار في العقاب وعدم الانتقال إلى البدل وغيرهما خصوصا إذا كان منشأ الانتقال إلى البدل قبح التكليف بما لا يطاق منضما إلى عدم سقوط الصلاة بحال ونحوه مما يمكن دعوى عدم تحققه في المقام، نعم لو أن الشارع رتب البدل على موضوع يصدق وإن كان باختيار المكلف اتجه حينئذ الانتقال كقوله: فاقد الماء مثلا يتيمم، إذ لا ريب في صدقه على من أراق الماء، ولعل مدار المسألة فيما نحن فيه على ذلك، فإن ثبت موضوع يندرج فيه، وإلا كان الحكم بالانتقال