ما نحن فيه ففيه أن التتبع يشهد بخلافه، إذ لم نجد له موافقا عليه سوى ما سمعته من الخلاف، مع أنه في المحكي عن المبسوط قال: (إنه لا بأس أن يؤذن جماعة كل واحد منهم في زاوية المسجد، لأنه لا مانع منه) لكن قال أيضا: (يجوز أن يكون المؤذنون اثنين اثنين إذا أذنوا في موضع واحد، فإنه أذان واحد) وربما قيل: إن مجموعهما يعطي اشتراط تعدد المحل في الزائد على اثنين بخلافهما، إلا أنه على كل حال خلاف ما سمعته منه في الخلاف ومن المحكي عن ولده الذين لم نعرف مخالفا سواهما، فدعوى الاجماع حينئذ في غاية الغرابة.
فلا ريب حينئذ في الجواز، لكن في المدارك (إن المعتمد كراهة الاجتماع في الأذان مطلقا، لعدم الورود من الشرع، وكذا إذا أذان الواحد بعد الواحد في المحل الواحد، أما مع اختلاف المحل وسعة الوقت بمعنى عدم اجتماع الأمر المطلوب في الجماعة من الإمام ومن يعتاد حضوره من المأمومين فلا مانع منه، بل الظاهر استحبابه لعموم الأدلة) ولا يخفى عليك ما فيه، فإن عدم الورود لا يصلح دليلا للكراهة، كما أنه لم نعثر على ما يدل على ما ذكر المصنف والفاضل وغيرهما من أفضلية الترتيب مع سعة الوقت، نعم علل بأنه تكرير للاعلام أو إعلام لمن لم يسمع السابق وبنحو ذلك مما هو كما ترى، بل عن المبسوط (فأما أذان واحد بعد الآخر فليس بمسنون) واحتمال إرادته من ذلك التراسل فيكون غير ما نحن فيه في غاية البعد، سيما مع قوله في الخلاف:
(إن الاجتماع أفضل) بل قيل: إنه حكى الاجماع عليه فيه وإن كنت لم أتحققه فيما حضرني من نسخته، وفي كشف اللثام (ولعله لكون الواحدة أظهر، وليجتمع شهادة عدلين بالوقت، ولأن الترتيب ربما يشوش على السامعين).
وعلى كل حال فالمراد باتساع الوقت كما في جامع المقاصد وغيره عدم اجتماع تمام المطلوب في الجماعة كانتظار الإمام والمأمومين الذين يعتاد حضورهم لا المعنى المتعارف،