والعصر وظهري عرفة وعشائي المزدلفة لا مطلقا خصوصا إذا لم يكن الجمع مستحبا، فإنه لا لفظ يدل على السقوط بحيث لا يندرج في العمومات السابقة، ولا مداومة بل إن اتفق منهم ذلك أحيانا فلعله لبيان الرخصة كأصل الجمع، واستفادته من السقوط حال استحباب الجمع بناء عليه من القياس المحرم عندنا، بل يمكن الفرق باحتمال إشعار استحباب الجمع باتصال الصلاتين وعدم التفريق بينهما ولو بالأذان، ومع هذا الاحتمال فيه وفي الفعل السابق يبقى العمومات سالمة عن المعارض، وخبر حفص (1) مع أنه في خصوص الجمعة قد عرفت البحث في دلالته المؤيد زيادة على ما سمعت بعدم استناد أكثر الأصحاب إليه في الحكم هنا، بل عللوه بالجمع ونحوه، ولعله لهذا حكي عن نص المقنعة والأركان والكامل والمهذب والسرائر عدم السقوط فيما لو صلى الظهر أربعا في يوم الجمعة فضلا عن الجمع بين الظهرين في غيرها، بل ربما استظهر أيضا من جامع الشرائع حيث نسب القول بالسقوط إلى القيل، بل عن ابن إدريس أنه مراد الشيخ أيضا، وكأنه مال إليه في كشف اللثام، وقد عرفت أنه لا يخلو من قوة، خصوصا مع ملاحظة قاعدة التسامح التي لا يعارضها احتمال التحريم بعد أن كان منشأه التشريع، وأولى منه بعدم السقوط الجمع في غير محل الاستحباب، نعم هو رخصة لا تنافي الندب.
وعلى كل حال فقد عرفت أن المتجه التحريم على تقدير السقوط وفاقا للمحكي عن النهاية وغيرها، بل ربما ظهر من بعضهم أن القائل بها هناك قائل بها هنا لا الكراهة وإن نص عليها كما قيل في مفروض موضوع أصل المسألة في المنتهى والمختلف وغيرهما، لكن قد عرفت ما فيها هناك، اللهم إلا أن يكون الأذان عنده ليس عبادة، بل القربة شرط في ثوابه لا صحته، وهو مقدمة للصلاة، وربما يشعر بذلك تقييد بعض مراتب