ومن أن الاتيان به مع الدرج يستلزم إما مخالفة اللغة إن أثبت همزة لفظ الجلالة في تكبيرة الاحرام، وفي الاجتزاء بها حينئذ منع، لكونها ملحونة، أو الشرع إن حذفها، لأن الثابت من الاحرام بها مقطوعة الهمزة - يدفعه أنه لا تشريع فيه فيما سمعت، واختصاص الثاني بحال الدرج، مع أن مثله جار فيما ورد من الأدعية بين التكبيرات التي منها الدعاء المتصل بتكبيرة الاحرام، أما إذا وقف فلا اشكال، إذ احتمال فوات المقارنة بذلك كما ترى، ضرورة أن مثل زمان الوقف لا يفوتها، على أن المعتبر المقارنة القلبية، والوقف على اللفظ لا ينافي حصولها، فظهر لك أن التحقيق ما ذكرنا، وكأن الذي حمل الأصحاب على التعرض لذلك إرادة الرد على المحكي عن أكثر أصحاب الشافعي من استحباب اللفظ بالنية بأنه لم يثبت رجحان له بالخصوص عندنا، والله أعلم.
(و) كيف كان ف (وقتها عند أول جزء من التكبير) لأن به تتحقق المقارنة التي لا ريب في اعتبارها، بل الاجماع بقسميه عليها، مضافا إلى ظهورها من مثل قوله (ع) (1): (لا عمل إلا بنية) بل وقوله تعالى (2): (وما أمروا) إلى آخره، بل صدق الامتثال والمنوي من الأفعال موقوف عليها، فما عن بعض العامة - من جواز التقدم يسيرا قياسا على الصوم الذي تتعذر أو تتعسر المقارنة فيه بناء على الاخطار - في غاية الضعف، نعم الظاهر تحقق المقارنة فيما نحن فيه لو اتصلت به بحيث كان آخر جزء منها عند أول جزء منه، بل في الرياض أنه يظهر من التذكرة دعوى الاجماع على صحة العبادة بالمقارنة بهذا المعنى، ومنه يعلم ضعف المحكي عن بعض الأصحاب - وإن كنا لم نتحققه - من أن وقتها بين الألف والراء، مضافا إلى ما فيه من العسر وخلو أول التكبير من النية، بل لو أريد من قوله: (بين) إلى آخره الاجتزاء بها