مبنيان على خروج الذكر بالحرمة التشريعية عن كونه ذكرا، أو عن كونه ذكرا سائغا في الصلاة وعدمه، لا يخلو الثاني منهما من قوة، وتسمع في مباحث القراءة ونحوها زيادة تحقيق له إن شاء الله.
ثم إن الظاهر أولوية اختيار ذي الحولقة في الحكاية على الخلاء تجنبا من كراهة الكلام فيها وإن أمكن القول باستثنائه بالخصوص، لظهور الخبر المزبور (1) في حكاية الجميع على الخلاء، ومن هنا بان لك الفرق بين تعارض دليلي الكراهة والحكاية هنا وبين دليلي الحكاية والابطال في الصلاة، فتأمل جيدا. كما أنه بان لك أيضا أن الأهمية في بعض المندوبات لا تخرج الآخر في هذا الحال عن صفة الندب، فحينئذ إن عارض الحكاية بعض المندوبات وأمكن الجمع جاء بالجميع، ومع التعارض كان الأولى له الاتيان بالأهم كما هو واضح، فما عن المبسوط وغيره من كتب الأصحاب (إن من كان خارج الصلاة قطع كلامه وحكى قول المؤذن، وكذا لو كان يقرأ القرآن قطع وقال:
كقوله، لأن الخبر على عمومه) إن أراد ما ذكرنا فمرحبا بالوفاق، وإلا كان للنظر فيه مجال، ضرورة عدم اقتضاء استحباب الحكاية رفع استحباب غيرها حالها، وكذا ما عن جماعة من الأصحاب أيضا من أنه إذا دخل المسجد والمؤذن يؤذن ترك صلاة التحية إلى فراغ المؤذن ليجمع بين المندوبين، لكنه لا يخفى أنه مبني على مشروعية صلاة التحية مع هذا الفصل، وإلا كان المتجه الترجيح، أو الصلاة مع الحكاية في أثنائها بناء على ما حررناه سابقا.
والمراد بالحكاية في عبارات الأصحاب قول: مثل ما قاله المؤذن عند السماع، وهو الموجود في النصوص دون لفظ الحكاية، وكان الأصحاب عبروا بها لما فهموه منها، بل لا يخفى على من لاحظ النصوص وما في بعضها من الحكاية على الخلاء، وفي آخر (أذكر مع كل ذاكر) وغيره أنه يمكن القطع بعدم امتثال ذلك مع الفصل المعتد به