إلا لأن النية فيها كالنية في غيرها من أفعال العقلاء، وقولهم (ع) (1):
(إنما الأعمال بالنيات ولكل أمري ما نوى) إن لم يكن فيه دلالة على ما قلناه من صدق النية على القصد الخالي عن الاخلاص فلا دلالة فيه على خلافه كما هو واضح.
نعم يعتبر الاخلاص في العبادة الذي هو عبارة عن وقوع الفعل بقصد الامتثال للسيد المنعم باعتبار ما قام في النفس ودعاها إلى الفعل من الألطاف ورجاء الثواب ودفع العقاب، وهو أمر آخر خارج عن النية التي هي بمعنى القصد للفعل الذي لو كلف الله بالفعل بدونه لكان كالتكليف بما لا يطاق، ضرورة خروج صدور الفعل مع الغفلة عن القدرة، ولذا قبح تكليف الغافل ونحوه، أما هو ففي غاية الصعوبة في بعض العبادات، لاحتياجه إلى الرياضة التامة القالعة للقوى النفسانية وآثارها من حيث الشهرة والرئاسة وغيرهما من الآفات المهلكة والأمراض القاتلة، نسأل الله العافية منها، وإلا فوجوب القصد المزبور الذي يخرج به الفعل عن كونه فعل غافل ضروري في المعاملة، فضلا عن العبادة التي من مقوماتها تعلق الأمر بها، والاجتزاء ببعض الأفعال من الغافلين - كحفر القبر ونقل الميت ونحوهما الدليل الخاص الظاهر في أن المراد وجودها في الخارج كيفما كان وإن لم يعد مثله امتثالا وطاعة - غير قادح في قاعدة اعتبار القصد في كل فعل تعلق به حكم شرعي بناء على ثبوتها وإن كان إقعادها في سائر الأفعال التي منها حيازة المباحات وتفرق المجلس في الصرف لا يخلو من نظر، أما العبادات فلا إشكال في اعتبار القصد فيها، لعدم صدق الامتثال والطاعة بدونه، واعتبارهما في كل أمر صدر من الشارع معلوم بالعقل والنقل كتابا وسنة بل ضرورة من الدين، بل لا يصدقان إلا بالاتيان بالفعل بقصد امتثال الأمر فضلا عن مطلق القصد، ضرورة عدم تشخص الأفعال بالنسبة إلى ذلك عرفا إلا بالنية، فالخالي منها عن قصد الامتثال والطاعة