والاستدلال على الدعوى المزبورة بتلك الأخبار يدفعه ظهور تلك النصوص في إرادة عدم قراءة القرآن بخلاف ما هم عليها من الأشياء التي ورد في النصوص حذفهم لها أو تحريفها، لا مثل الهيئات الموافقة للنهج العربي.
ولقد تجاوز أستاذنا الأكبر في كشفه، فقال: (ولو وقف على المتحرك، أو وصل الساكن، أو فك المدغم من كلمتين، أو قصر المد قبل الهمزة أو المدغم، أو ترك الإمالة والترقيق والاشباع والتفخيم والتسهيل ونحوها من المحسنات فلا بأس) وإن كان هو جيدا في البعض، بل لعله عين المختار وإن كان قد ظن أن الوقف على الساكن والوصل في المتحرك والقصر في المد غير واجب بمقتضى اللغة وعند الصرفيين، والتحقيق خلافه، فهو في الحقيقة نزاع في موضوع، لكن قال بعد ذلك: (ثم لا يجب العمل على قراءة السبعة أو العشرة إلا فيما يتعلق بالمباني من حروف وحركات وسكنات بنية أو بناء، والتوقيف على العشرة إنما هو فيها، ومقتضاه وجوب اتباع السبعة في مثل ذلك، وعدم التعدي وإن وافق النهج العربي، وفيه ما عرفت، ويلزمه حينئذ وجوب اتباعهم في كل ما فعلوه، وأجمعوا عليه من إدغام أو مد أو وقف أو إشباع أو صفات حروف حتى لو كان ذلك عندهم من المحسنات، إلا أنه ما اتفق وقوع غيره منهم، لأن العبرة بما يقرأونه لا بما يذهبون إليه، وإلا لجاز مخالفتهم في الحركات والسكنات ضرورة عدم لزوم قراءتهم بالحركة الخاصة منه غيرها وإن وافق النهج العربي، ولو منعوا لكانوا غالطين في ذلك كما هو المفروض، على أن كثيرا من هذه المحسنات صرحوا بوجوبه كما عرفت جملة من الادغام، اللهم إلا أن يحمل ذلك على شدة الاستحباب والتأكيد لا اللزوم، فيجري فيه حينئذ البحث السابق، وربما تسمع لهذا مزيد تحقيق إن شاء الله فيما يأتي والله الموفق والمسدد.
(ولا يجزي للمصلي) عن الفاتحة مثلا (ترجمتها) بالفارسية ونحوها اختيارا