نعم قد يقوى عدم التحريم بل ولا الكراهة، بل الظاهر بقاء الندب الأول إذا لم يجمع بينهما، إذ مرجوحية التفريق لا تنافي استحباب الأذان الثابت بالاستصحاب وباطلاق الأدلة وعمومها ولا معارض، إذ خبر حفص قد عرفت المراد منه، فما عن ظاهر النهاية والبيان - من الحرمة هنا أيضا حيث جوز التنفل بست بين الفرضين وأطلقا تحريم أذان العصر - فيه ما لا يخفى، وإن قال في كشف اللثام: إنه يقويه النظر إلى أن الأذان للاعلام والناس مجتمعون مع ضيق الوقت لئلا تنفض الجماعة، ويمكن إرادتهما الصورة الأولى، كما أنه يمكن بقرينة ملاحظة الكتب الاستدلالية وما ذكروه فيها دليلا للسقوط إرادة ما لا يشمل المفروض من إطلاق المتن وغيره سقوط أذان العصر يوم الجمعة، بل قد يدعى أن المنساق إرادة ما لو فعل الجمع الموظف فيها لا التفريق الذي هو إما محرم أو مكروه أو رخصة كما هو واضح.
وأما إذا صلى الظهر أربعا جامعا بينها وبين العصر فعن صريح التهذيب والكافي والمنتهى والمختلف وظاهر المبسوط والنهاية السقوط أيضا، بل ربما استظهر أيضا من عبارة المتن وكتب الفاضل وغيرها مما أطلق فيه سقوطه في يوم الجمعة، ولعله لذا نسب إلى المشهور، بل ربما استظهر أيضا مما عن المعتبر من أنه يجمع يوم الجمعة بين الظهرين بأذان وإقامتين، قاله الثلاثة وأتباعهم، لأن الجمعة يجمع فيها بين الصلاتين، بل عن المنتهى (أنه قاله علماؤنا) بل عن موضع من مجمع البرهان (لا خلاف في سقوط أذان العصر يوم الجمعة إذا جمع بينها وبين الظهر) بل هو مقتضى تعليل غير واحد من الأصحاب السقوط في المسألة الأولى بالجمع الذي هو المفروض في المقام.
ومنه ينقدح أن السقوط هناك ليس لخصوصية الجمعة، نعم لما كانت يختص يومها باستحباب الجمع ذكر فيه ذلك، فما وقع من بعض متأخري المتأخرين من المناقشة