الصفات كالحرارة ونحوها فجعل الأقوى حرارة مثلا مقدما على ضعيفها، ومنه ينقدح اعتبار القوة أيضا في اللون الواحد كالأشد سوادا بالنسبة إلى الأسود، كما أنه صرح بأن ذا الثلاثة قوي بالنسبة لذي الاثنين، وهو قوي بالنسبة لذي الواحدة، وهو قوي بالنسبة للفاقد، أما لو اتصف بعض بصفة وآخر بأخرى احتمل الترجيح بالتقدم وعدمه، أو الترجيح بالنسبة إلى الصفتين إن أمكن، كما أنه ينبغي مراعاة الميزان أيضا عند تعارض القوة والأجمعية، وفي اعتبار شئ من ذلك مما لا يرجع إلى النصوص نظر وتأمل، ودعوى استفادة اعتبار مطلق الظن منها لاختلاف أخبار الصفات، وما عساه يشعر به ذيل مرسل يونس الطويل وغيره ممنوعة، مع المناقشة في حصولها في بعضها كدعوى ابتنائه على حجية كل ظن حصل للمجتهد، إذ أقصى ما يسلم منه فيما كان منصب المجتهد كالأحكام الشرعية والوضعية التي هي كذلك، لا الشئ الذي هو وغيره فيه على حد سواء فتأمل جيدا. فكان الأصل حينئذ يقتضي عدم الالتزام بشئ من ذلك مما كان مبناه المظنة المتقدمة، بل لعل ظاهر قوله (عليه السلام) (1): إذا رأيت الدم البحراني) وقوله (عليه السلام) (2): (إذا كان للدم سواد ودفع) ونحوهما يقتضي خلافها، لكن مهما أمكن الاحتياط كان أولى، نعم قد يحصل اطمئنان في الحيضية من ملاحظة لوازمه العرفية في بعض الأوقات، ولا بأس بالاعتماد عليه وإن لم ينص عليها بالخصوص، والله أعلم.
ثم إنه بناء على ما تقدم إذا اختلف مراتب الدم فاجتمع الأقوى مع الأضعف منه بمرتبة مثلا أو بمراتب ثم الأضعف منهما، كما لو رأت الأسود ثلاثة أيام، والأحمر ثلاثة، ثم الأصفر فاستمر، فهل الحيض الأسود فقط، أو هو مع الأحمر؟ وجهان ينشئان من الأصل وأن الأحمر مع الأسود لو انفردا طهر فكذا إذا انضم مع الأصفر،