ومن قوتهما بالنسبة إلى الأصفر وإمكان حيضيتهما وإصالة عدم الاستحاضة، ولذلك اختلف كلام الأصحاب، فاختار الأول في المعتبر والمنتهى وموضع من التذكرة، والثاني في الرياض مرسلا له عن نهاية الإحكام وموضع آخر من التذكرة، قلت: ولا يخلو من قوة في خصوص المثال، لكون السواد والحمرة معا من صفات الحيض، أما لو فرض المثال بتبديل الأحمر فيه بالأصفر، والأصفر بالأكدر مستمرا فإن الظاهر خلافه، وإن كان قضية كلامه التزامه، لكونهما معا قويين بالنسبة إلى الأكدر بناء على ما تقدم من قوة الأصفر عليه، لكنه كما ترى يكاد يكون مخالفا لصريح النص والفتوى، كما أن إطلاق الأول لا يخلو من إشكال في بعض صوره فلاحظ وتأمل.
بقي شئ ينبغي التنبيه عليه، وهو هل يشترط في الرجوع إلى التمييز كون كله أو بعضه في ضمن العشرة، أو يكفي ولو كان خراجها؟ كما لو رأت مثلا أحد عشر أصفر، ثم ثلاثة أسود، ثم انقلب أصفر، فهل تتحيض بالثلاثة فحسب، أو تكون فاقدة التمييز؟ لم أر تنقيحا لذلك في كلامهم، إلا أنه قد يظهر من تعليقهم الرجوع للتمييز أو عادة النساء أو الروايات بمجرد تجاوز العشرة الثاني، وكذا مما يفهم من مطاوي كلماتهم في الاستظهار للمبتدأة وغيرها أن الزائد على العشرة استحاضة، وأنه من أيام الطهر التي يحكم بكون الدم فيها طهرا وإن كان أسود، بل لعله المنساق من نحو عبارة المصنف قد امتزج حيضها بطهرها، وقال في الوسيلة في المقام: " إذا رأت المبتدأة ثلاثة أيام متواليات عرفت يقينا أنه دم حيض، فإذا استمر إلى تمام عشرة أيام وجب عليها أن تعمل عمل الحائض، فإذا زاد على عشرة ثلاثة عرفت يقينا أنه استحاضة، فإذا لم ينقطع جوزت أن ذلك دم حيض، لانقضاء أقل الطهر والحيض، فيلزمها تعرف الحال بالتمييز، فإن لم يتميز فعادة نسائها " إلى آخره. وتأمله مع التدبر يشعر ببعض ما ذكرنا، كما أنه ربما يشير إلى ذلك ما في المبسوط قال: " إذا رأت