من الأقوال المتقدمة عدا القول بالتفصيل المتقدم، فإنه ليس له وجه ظاهر سالم عن التأمل والنظر، والاحتياط لا ينبغي أن يترك بحال سيما في مثل المقام، لمكان توقيفية العبادة، واستصحاب الحدث، واشتهار اشتراط طهارة ماء الغسل والجريان على محل طاهر، حتى أنه يمكن ادعاء تنزيل إجماع الغنية ونحوه عليه، فينبغي أن يغسل النجاسة أولا ثم يجري الماء لرفع الحدث، وأحوط منه إزالة النجاسة سابقا على الشروع في الغسل.
وظاهر المصنف عدم وجوب الموالاة في الغسل بمعنييها كما هو المصرح به في عبارات الأصحاب من غير خلاف يعرف، بل ادعى عليه الاجماع جماعة، كما هو ظاهر آخرين، ويدل عليه - مضافا إلى ذلك وإلى الأصل والاطلاقات وما تقدم من قصة أم إسماعيل - خبر إبراهيم بن عمر اليماني (1) عن الصادق (عليه السلام) قال:
" أن عليا (عليه السلام) لم ير بأسا أن يغسل الجنب رأسه غدوة، ويغسل سائر جسده عند الصلاة " وصحيحة حريز (2) السابقة في باب الوضوء قال: قلت: " وكذلك غسل الجنابة، قال: هو بتلك المنزلة، وابدأ بالرأس ثم أفض على سائر جسدك، قلت: وإن كان بعض يوم قال: نعم " وما عن الفقه الرضوي (3) " ولا بأس بتبعيض الغسل تغسل يديك وفرجك ورأسك، وتؤخر غسل جسدك إلى وقت الصلاة، ثم تغسل إن أردت ذلك " وقضية الاجماعات المتقدمة على نفي وجوبها كما هو قضية الأصل والاطلاق أنه لا فرق في ذلك بين الأعضاء والعضو الواحد، ولعل أخبار اللمعة تشعر به أيضا، والمراد بعدم وجوبها إنما هو في أصل الغسل، أما إذا عرض لوجوبها بمعنى المتابعة عارض خارجي فلا إشكال في الوجوب، كما لو نذرها بناء على استحبابها على ما صرح به بعضهم، أو ضاق الوقت أو غير ذلك، وقيل إنه منه ما لو خيف فجأة