في خلاف ذلك، بل ولا ظهورهما، بل لعل الثاني في المطلوب أظهر يراد منهما المبالغة لايصال الماء إلى البشرة، ومع التسليم فيجب طرحهما أو تأويلهما، سيما مع مخالفتهما للأصحاب وموافقتهما للمنقول عن الشافعي، فما وقع من بعض متأخري المتأخرين من الاحتياط في غسل الشعر كأنه في غير محله، ولعله لظاهر عبارة المقنعة حيث أمر فيها الامرأة بحل الشعر إن كان مشدودا، وفيه أن الظاهر إرادته مع توقف الايصال عليه كما يقتضيه سياقها وفهمه في التهذيب وغيره منها، أو لما قيل من أنه ورد (1) في علة الغسل من الجنابة " إن آدم (عليه السلام) لما أكل الشجرة دب ذلك في عروقه وشعره وبشره، فإذا جامع الرجل خرج الماء من كل عرق وشعرة في الجسد، فأوجب الله تعالى على ذريته الاغتسال من الجنابة " ولعل مراده موضع كل شعرة، وإلا فالمني لا يخرج من الشعر قطعا.
بقي شئ ينبغي التنبيه عليه، وهو أن الظاهر من بعض متأخري المتأخرين أنه لا فرق في ذلك بين شعر الرأس واللحية والجسد المستطيل وغيره، والحاصل أنه لا يجب غسل مسمى الشعر مطلقا، وهو لا يخلو من تأمل بالنسبة إلى ما يدخل منه في الأمر بغسل الجسد عرفا، ويشهد له ما ذكروه في باب الوضوء من إيجاب غسل الشعر النابت في اليدين معللين ذلك بدخوله تحت مسمى اليد عرفا وكونه في محل الفرض، بل صرح بعضهم بوجوب غسله حتى لو كان مستطيلا جدا، وإبداء الفرق بين المقامين لا يخلو من إشكال، اللهم إلا أن يكون إجماعا كما عساه يظهر من جماعة من المتأخرين كالشهيد وكشف اللثام وغيرهما، إلا أنه للتأمل فيه مجال.
ثم إنه لا يخفى عليك أن المراد بوجوب غسل البشرة إنما هو غسل الظاهر منها دون الباطن، كما صرح به غير واحد من الأصحاب، بل نفى الخلاف عنه في المنتهى