يندب أن لا يضع ضعيف، وظاهر الصحيحين جواز الأخذ منها كما هو ظاهر الأصحاب بلا خلاف أعرفه فيه، بل في المنتهى أنه مذهب علماء الاسلام، وفي غيره أنه المجمع عليه، بل ظاهر إطلاق النص والفتوى أنه يجوز له ذلك وإن استلزم لبثا طويلا، وما عساه يظهر - من بعضهم أن المراد بجواز الأخذ من حيث كونه أخذا في مقابلة الوضع، وإلا فلا يحل لأجله ما كان محرما سابقا كاللبث فيما عدا المسجدين والجواز فيهما، بل هما باقيان على حرمتهما وإن حل الأخذ - مخالف لظاهر النص والفتوى، فتأمل.
والذي يقوى في ذهن القاصر أن حرمة الوضع ليست لكونه وضعا، بل المراد حرمة الدخول للوضع كما يشعر به ذكره في مقابلة جواز الأخذ منها، إذ من المعلوم أن المراد الدخول إليه للأخذ منه، ويشعر به أيضا التعليل المتقدم في الرواية، وربما يشير إليه استدلال المصنف في المعتبر، ونحوه العلامة في بعض كتبه على حرمة الوضع بقوله تعالى (ولا جنبا إلا عابري سبيل) وليس له وجه يحمل عليه سوى أن يكون المراد منه أن المفهوم من الآية أنه لا يجوز الدخول للمساجد لغرض من الأغراض إلا لغرض الاجتياز، فيبقى حرمة الدخول للوضع مشمولا للآية، ومن هنا قال ابن فهد في المقتصر: " أنه لو وضع فيه شيئا من خارج المسجد حل له قطعا، وقال قبل ذلك: أن المراد بالوضع الوضع المستلزم للدخول واللبث لا أن الرخصة في الاجتياز خاصة، فلا يباح الدخول لغير غرض الاجتياز " انتهى. وهو عين ما ذكرنا، وما أورد عليه بعض المتأخرين من أنه قول بعدم حرمة الوضع، لكون اللبث محرما في نفسه وضع أو لم يضع ففيه أن ذلك لا يصح للايراد به عليه، بل هو بيان لكلامه، فإن مراده من حرمة الوضع حرمة الدخول للوضع، وإلا فلو لم يدخل أو دخل بعنوان الاجتياز أو الأخذ فلا يحرم عليه الوضع، وهو متجه مؤيد بالأصول السالمة عن المعارض سوى ما عرفت، وهو لا ظهور فيه، وبكثير من الوجوه الاعتبارية، نعم الانصاف أن عبارات كثير من الأصحاب تأبى