ما كان قبل الحيض بقليل، لا أقل من أن يكون من المطلق والمقيد، بل احتمل في جامع المقاصد حمل هذا المطلق على إرادة ما إذا رأت قبل وقتها وعلمته حيضا أو مضى ثلاثة أيام، وحمل المقيد على الأخبار عن الغالب، أي إن كان قبل الحيض بيومين ففي الغالب هو من الحيض، فلا دلالة حينئذ فيهما على ترك العبادة، على أنه يحتمل في كثير منها إرادة قبل انقضاء الحيض، نعم يتم ذلك كله إن قلنا في المبتدأة بالتحيض عند رؤية الدم، إما لقاعدة الامكان أو لاطلاق بعض الأخبار أو غير ذلك، والكلام هنا الآن في الحكم بالتحيض وإن لم نقل بالتحيض هناك كما هو المفروض في كلمات بعض الأصحاب، فما وقع من بعضهم من الاستدلال عليه بأدلة المبتدأة ليس في محله.
وكيف كان فلم نجد دليلا تختص به المعتادة العددية فقط أو الوقتية إذا تقدم رؤية الدم بما لا يدخل تحت مضمون الأخبار المتقدمة مما يتسامح فيه ذوات العادة كاليوم واليومين ونحوهما، أو تأخر كذلك عن المبتدأة بحيث يثبت الحكم فيها وإن لم نقل بالثانية، نعم هما يشتركان فيما ستسمعه من الأدلة، فلا يتجه حينئذ الحكم بالتحيض في الأولى والتردد في الثانية، بل المتجه إحالتها عليها كما صرح به بعضهم لكن كان عليه استثناء اليوم واليومين ونحوهما في التقدم والتأخر مما يتعارف في ذوات العادات، بل لعل مثله يدخل فيما دل على العادة إذ المراد بأيام حيضها وبوقته أوانه وحينه.
(وفي) تحيض (المبتدأة) بمجرد رؤية الدم مطلقا أو حتى يمضي ثلاثة أيام كذلك أو يفصل بين الجامع وغيره أو بين الأفعال والتروك أقوال، منها ومن أدلتها يكون الفقيه في (تردد) كما في النافع، ويظهر الأول من الهداية والمبسوط والجامع وعن الاصباح كما هو صريح غيرها، بل نسبه في الرياض إلى الشهرة تبعا للمولى الأعظم شارح المفاتيح، كما أن الثاني صريح الكافي والسرائر والمعتبر والتذكرة وجامع المقاصد، وهو المنقول عن ابن الجنيد وعلم الهدى وسلار، وقد يظهر الثالث من بعض عبارات