فيكون المقام أولى حينئذ.
ومن التأمل فيما تقدم هناك يظهر لك قوة القول الثاني هنا، وضعف ما تمسكوا به للأول من انصراف المطلقات إلى المتعارف المعهود، بل لعل التأمل يقضي بأن المسألة في المقام كمسألة الحدث الأصغر، فيجري فيها حينئذ من الاحتمالات ما يجري هناك لاتحاد المدرك فيهما، فيحتمل القول بالنقض مطلقا، والعدم مطلقا، والتفصيل بالاعتياد وعدمه، والتفصيل بما دون الصلب وفوقه، كالتفصيل بما تحت المعدة وفوقها، لكنه قد يظهر من كلام جملة من الأصحاب في المقامين حصول الفرق بينهما، والظاهر خلافه، وطريق الاحتياط غير خفي، وحكم الخنثى المشكل يظهر مما تقدم، فلا يحكم بجنابتها إلا بالخروج من الفرجين، أو من أحدهما مع الاعتياد على القول الأول، بخلاف الثاني، فإنه يحكم بجنابتها بمجرد الخروج من أحدهما وإن لم يحصل الاعتياد، وحكم الممسوح كذلك على الظاهر، وفيه تأمل.
(فإن حصل ما يشتبه) به المني فإن كان صحيحا (وكان) الخارج (دافقا يقارنه الشهوة) واللذة (وفتور الجسد) أي انكساره جرى عليه حكم الجنب، فيحرم حينئذ عليه قراءة العزائم ودخول المساجد و (وجب) عليه (الغسل) وغير ذلك من الأحكام وإن لم يحصل له القطع من ملاحظتها بكونه منيا، لما ستعرفه من الأدلة، وبها يحكم على ما دل (1) على عدم نقض يقين الطهارة إلا بيقين الحدث، وظاهر المصنف اشتراط وجود الثلاثة، فلا يكفي الاعتبار بواحد، كما هو صريح بعض متأخري المتأخرين وظاهر المعتبر والتحرير والمنتهى والإرشاد ونهاية الإحكام، وربما ظهر من بعضهم اعتبار كون رائحته كرائحة الطلع والعجين رطبا وبياض البيض جافا مع الأوصاف السابقة، ويظهر من العلامة في القواعد الاكتفاء بالدفق والشهوة، ومن النافع الاكتفاء