وإن كان الأحوط التعرض فيها لنية الوجه مع رفع الحدث أو الاستباحة، بل الأحوط التعرض لهما حتى في مستدام الحدث كالمستحاضة، وإن ذكر بعض المتأخرين الاقتصار فيه على نية الاستباحة دون الرفع، زاعما الفرق بينهما بأن الأول رفع المنع وهو ممكن، دون الثاني فإنه رفع المانع، ولكن نوقش فيه بأنا لا نعقل معنى للحدث سوى الحالة التي لا يسوغ معها للمكلف الدخول في العبادة، فمتى ساغ علم الزوال وهو معنى الرفع، غاية الأمر أن زوالها قد يكون إلى غاية كما في المتيمم ودائم الحدث، وقد يكون مطلقا، وفيه أن الحدث هو عبارة عن طبيعة المنع المسببة عن ذات الخارج، فلا يتصور حينئذ تبعض رفعها في الأوقات، إذ مع فرض وجودها في وقت آخر لم تكن الطبيعة مرفوعة، ولا إشكال في كون المنع المتأخر مسببا عن الأول، وإلا لزم تحقق الحدث من دون سببه، وتخلف بعض آثار المحدث في بعض الأوقات لا ينافي تحقق طبيعة الحدث، فتأمل جيدا. وكالمستحاضة المسلوس والمبطون بناء على فساد الغسل بتخلل الحدث الأصغر، وأنه لا فرق بينهما وبين غيرهما في ذلك، فيجب تجديد الغسل عليهما بالنسبة إلى كل صلاة.
(و) الثاني (استدامة حكمها إلى آخر الغسل) على ما تقدم في الوضوء من تفسيرها ودليل وجوبها وغير ذلك، وقضية إطلاق المصنف وغيره أنه يكفيه ذلك حتى لو أخل بالموالاة، لعدم وجوبها فيه، فلا يجب عليه تجديد نية حينئذ، ولعله هو الأقوى، فما عن نهاية الإحكام من إيجاب التجديد مع التأخير بما يعتد به، وما في الذكرى من إيجاب ذلك مع طول الزمان لا يخلو من نظر وتأمل، لعدم الدليل على وجوب الزائد على النية أو استدامتها، ولعل مرادهما أنه يجب عليه استحضار الاتمام، فلا يكفي وقوعه منه مع الذهول عن أصل الغسل كما كان يكفي ذلك في الصلاة مثلا، وهو كذلك فتأمل جيدا. والمراد بوجوب الاستدامة فيه أنه متى وقع بعض الغسل مع عدمها يفسد