ترتيب بالعكس على أن ما يظهر - من أدلة الارتماس من اشتراط صحة غسل كل جزء غسل الجميع بارتماسة واحدة - كاف في تقييدها، فتأمل جيدا. وأما الوجه الثالث فقد عرفت أن مبناه الترتيب الحكمي، وفيه ما تقدم، وأما الوجه الرابع فصدق مسمى الارتماس، وفيه أنه مبني على التفسير الثالث للارتماس، وهو مع إمكان منعه كما عرفت محتمل لإرادة توالي الأعضاء بالهيئة العرفية للارتماس، كأن تتوالى للانغماس في الماء أو فيه لعدم صدقه بدون ذلك، وقد وقع في كشف اللثام في المقام في تفسير القول الذي اخترناه ما هو محل للبحث والنظر، من أراده فليراجعه.
ثم إن الظاهر من النص والفتوى عدم توقف صدق الارتماس على خروج البدن خارج الماء، بل يمكن الاكتفاء باستمرار مغموريته في الماء لو نوى الغسل هناك ما لم يكن قد قصد بابتدائها غسلا آخر لعدم صدق التعدد عرفا، مع احتمال الاكتفاء به أيضا، كل ذلك للصدق العرفي سيما في الأول، فما وقع في كلام بعض متأخري المتأخرين من الاشكال فيه في غير محله، سيما مع مكث القليل من بدنه في الماء، بل عن ابن فهد في المقتصر ما نصه أنه لو انغمس في ماء قليل كحوض صغير أو إجانة ونوى بعد تمام انغماسه فيه وإيصال الماء إلى جميع البدن ارتفع حدثه إجماعا، ومنه يعلم عدم اشتراط الكثرة في الارتماس كما هو قضية إطلاق النصوص والفتاوى، فما وقع للمفيد في المقنعة أنه لا ينبغي له أن يرتمس في الماء الراكد، فإنه إن كان قليلا أفسده، وإن كان كثيرا خالف السنة فيه أنها دعوى عارية عن الدليل، كتعليله في التهذيب ذلك بأن الجنب حكمه حكم النجس إلى أن يغتسل، فمتى لاقى الماء الذي يصح فيه قبول النجاسة فسد، ولعل حمل كلامهما على إرادة الافساد لغير المستعمل بمعنى سلب طهوريته كما هو المنقول عنهما فيما يرفع الحدث الأكبر أولى من ذلك، لما فيه من المخالفة لما عليه الإمامية، وقد يشعر به قوله: (ولا ينبغي) أو يراد بالافساد في عبارة المقنعة مع تلوث الجنب