على أن في تقييد خبر النفساء بالمبتدأة ما لا يخفى، بل وسابقه أيضا، لما في قصر المطلق على الفرد النادر، وما أدري ما الذي دعاه إلى تخصيص المبتدأة بالمعني الأول، وكأنه لتصريح جملة من الأصحاب في خصوص المقام بخروج المضطربة عن هذا الحكم وتخصيصه بالمبتدأة أو لأن ثبوت اختلافها مع نسائها يمنع من الرجوع إليها عند الاشتباه لكن عرفت أن مرادهم بالمضطربة المتحيرة، كما يشعر به تعليله في الذكرى وغيرها ذلك بأنها قد سبقت لها عادة ونسيتها، وهو لا يشمل ما نحن فيه، والثاني مجرد اعتبار لا يصلح مدركا للأحكام الشرعية، مع عدم تماميته في جميع الصور، كما لو لم يجئها الدم إلا مرة واحدة وافقت به نساءها ثم استمر بالمرة الثانية، وأيضا فمثله وارد بالمبتدأة بالمعنى الأخص إذا اتفق تمييزها بالدورين الأولين مخالفا لنسائها ولم يثبت لها عادة فإنها إذا فقدته في الدور الثالث ترجع إلى نسائها وإن ثبت اختلافها معهن، ودعوى الفرق بين الاختلاف التمييزي وغيره ممنوعة، لكون التمييز عندهم يجري مجرى الحيض المعلوم، ولهذا تثبت العادة به لو اتفق تكريره جامعا لشرائطها.
فظهر لك من ذلك كله أن الأقوى ثبوت هذا الحكم للمبتدأة بالمعنى الأعم فضلا عن المعنى الأخص، وما في رواية السنة (1) من ظهور رجوع المبتدأة بالمعنى الأخير فضلا عن الأول إلى التحيض في علم الله في كل شهر بستة أو سبعة لا بد من تقييده، لعدم مكافاته لما تقدم، كغيره من الأخبار التي ستسمعها إن شاء الله في المرتبة الثالثة، وهو التحيض بالروايات، بل احتمل في الذكرى أن المراد بعلم الله أي فيما علمك من عادة النساء، فإنه الغالب عليهن، وهو وإن كان بعيدا في نفسه لكن لا بأس به في المقام، فما يظهر من المصنف في المعتبر من التردد في الحكم وتبعه بعض متأخري المتأخرين ضعيف، كالمنقول من الخلاف فيه كما تقدم من الغنية، فتأمل.