بالجنابة مع نفي الدفق خاصة، وهو أيضا مما يؤيد ما ذكرنا.
فظهر لك بذلك كله ضعف القول بالاكتفاء بواحد منها، كما أن الظاهر ضعف القول باعتبار الدفق خاصة، إذ ليس في الأدلة ما يدل على أنه يحكم بالجنابة بمجرده، بل قد عرفت أن فيها ما يخالفه، وأما الاستدلال عليه بقوله تعالى (1): (خلق من ماء دافق) فضعيف، إذ لا دلالة فيه، على أن لا دافق غيره مما يخرج من الذكر حتى يكون وجوده دليلا على كونه منيا، وأما ما سمعته من العلامة في القواعد والمصنف في النافع فقد عرفت أن الظاهر رجوعهما إلى اعتبار الثلاث، لمكان تلازم الشهوة للفتور وبالعكس، ومع فرض العدم فهما محجوجان بما سمعت. لا يقال: إن المني من الموضوعات التي يكتفى فيها بالظن ولا ريب في حصوله بواحد من الصفات الثلاثة، بل وبالرائحة أيضا، ونحو ذلك. لأنا نقول فرق واضح بين تحقق الموضوع وبين معنى الموضوع، وأقصى ما يكتفى بالظن إنما هو في الثاني دون الأول.
ومما تقدم ظهر لك وجه قول المصنف (ولو كان مريضا كفت الشهوة وفتور الجسد في وجوبه) مع عدم الخلاف فيه فيما أجد، ولعله لما سمعته من صحيح ابن أبي يعفور مضافا إلى الحسن كالصحيح عن زرارة (2) عن أبي جعفر (عليه السلام) على ما رواه الصدوق في العلل حكاه في الوسائل قال: " إذا كنت مريضا فأصابتك شهوة فإنه ربما كان هو الدافق، لكنه يجئ مجيئا ضعيفا ليس له قوة، لمكان مرضك ساعة بعد ساعة قليلا قليلا، فاغتسل منه " وصحيحة معاوية بن عمار (3) قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) " عن الرجل احتلم فلما انتبه وجد بللا قليلا، قال: ليس بشئ إلا أن يكون مريضا، فإنه يضعف، فعليه الغسل " بل في خبر محمد بن مسلم (4)