ملاحظة الأدلة حرمة الدخول مطلقا إلا للاجتياز وغيره مما دل عليه الدليل، فيحرم حينئذ الدخول لا بعنوان الاجتياز ولا المكث، واحتمال القول أن المحرم إنما هو المكث واللبث، فيحل غيره قد عرفت فساده، وأن الظاهر من الأدلة أن المحلل الاجتياز خاصة والأخذ منها كما ستعرف، وكيف كان فما في المراسم من أنه يندب للجنب أن لا يقرب المساجد إلا عابري سبيل ضعيف جدا مخالف للكتاب والسنة والاجماع المنقول، بل قد يدعى تحصيله، لعدم قدح خلافه في ذلك، ولعل مستنده خبر محمد بن القاسم (1) قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) " عن الجنب ينام في المسجد، فقال: يتوضأ ولا بأس أن ينام في المسجد ويمر فيه " وهو مع موافقته للتقية ومخالفته للكتاب قاصر عن مقاومة غيره من الأدلة من وجوه عديدة، على أنه لا دلالة فيه، نعم قد يظهر من الصدوق العمل به، قال بعد أن ذكر أن الجنب والحائض لا يجوز أن يدخلا المسجد إلا مجتازين: " ولا بأس أن يختضب الجنب، ويجنب وهو مختضب - إلى أن قال -: وينام في المسجد ويمر فيه، ويجنب أول الليلة وينام إلى آخره "، انتهى. وهو مع عدم انطباقه على تمام مدلول الرواية لعدم ذكر الوضوء ضعيف، كسابقه لما سمعت، مع احتمال تأويل عبارته بما يرجع إلى الأصحاب وإن بعد.
وإذ قد عرفت أن المحلل الاجتياز خاصة فلا ريب في الرجوع إلى تحقيق معناه إلى العرف كما هو الشأن في غيره من الألفاظ، قيل وهل يدخل فيه التردد في جوانبها والمشي من غير مكث ولا جلوس؟ ربما ظهر من بعضهم ذلك، قلت:
لا ينبغي الاشكال في عدم صدق اسم الاجتياز عليه، ولعل القائل بجوازه منشأه أن المحرم اللبث والمكث لا غير الاجتياز، وهذا ليس لبثا، وفيه ما عرفت سابقا من ظهور الأدلة في حرمة ما عدا الاجتياز، على أنا نمنع عدم صدق اسم اللبث والمكث