والتخصيص بذهاب الثلثين في عدم التغير في السنة - مع أنه يحصل ذلك المطلوب بذهاب الأقل من الثلثين والأكثر - فلعله لوقوع الطبخ على الثلثين لأجل كراهته قبل ذلك.
واتصال هذه الرواية في قرب الإسناد (1) بما مر في صدر الدليل الثاني من أدلة المحرمين وكونه سؤالا عن الحلية لا يدل على أن ذلك أيضا كذلك، لأن ذلك الاتصال إنما هو من الحميري دون علي، ولو كان منه أيضا لا يفيده، لأنه مسألة أخرى.
والقول بأن مثل علي بن جعفر العارف بالأحكام لو لم يعلم أن هذا شرط في الحلية لم يقيده في سؤاله.
فيه: أنه لو علم ذلك وعلم حصوله فمن أي شئ سؤاله؟! سلمنا أن تقييد السائل إنما هو لذلك، ولكنه لا حجية في اعتقاده، وتقرير الإمام له لا يفيد، إذ لا دليل على حجية التقرير على مثل تلك الاعتقادات، كما بينا في الأصول.
وأما الثاني، فظاهر جدا، لأن إرجاع الضمير إلى المسؤول عنه المقيد لا يدل بوجه على التقييد في الجواب أصلا، وقد وقع مثل ذلك السؤال والجواب بعينه في ماء السفرجل الذي لا يحرم بالغليان قطعا في رواية خليلان بن هشام، فسأله عن ماء السفرجل يمزج بالعصير المثلث فيطبخ حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه أيحل شربه؟ فكتب: (لا بأس به ما لم يتغير) (2).