وعن بعض أهل الدراية، دلالته على العدالة (1).
والحق هو القول الأول؛ لعدم استلزام الفضل للعدالة، ولا غلبة العادل في الفاضل، ولا ظهور الفضل في نفسه في العدالة.
لكن يمكن أن يقال: إن الأعصار والأمصار مختلفة في باب الغلبة؛ إذ في بعض الأعصار يكون غالب الناس من العدول فضلا عن الفضلاء، بل الفضل بنفسه ظاهر في العدالة؛ إذ العلم بالمهالك يقتضي التجنب عنها، بل هذا ثمرة الفضل، كما أن ثمرة العقل التجنب عن المضار، بخلاف المجانين والصبيان.
لكن نقول: إنه لو اختلفت الأعصار والأمصار في عدالة الفاضل، فلا جدوى في إفادة ذكر الفضل في الترجمة في إفادة العدالة، للجهل بحالة العصر والمصر، كما أن الفضل وإن كان بعض أصنافه مقتضيا للتجنب عن المهالك ورفض الشهوات، كعلم الفقه والحديث، لا مطلقا؛ لعدم اقتضاء علم الرمل مثلا للتجنب عن المعاصي والشهوات رأسا، لكن شهوات الإنسان بمكان من الطغيان، بحيث تجعل الشخص مسلوب الشعور، كأنه لا يفقه بقلبه، ولا يرى بعينه، ولا يبصر بسمعه، فهي تقتضي لارتكاب المعاصي وهي قاهرة في الغالب غاية القهر.
بل العلم بنفسه مما (2) يكون مقتضيا للنخوة والكبر وزيادة الشأن المقتضية للسعي في الأمور المناسبة للشأن، وكذا قوة الإدراك المقتضية للسعي في الأمور المناسبة للنفس، فاقتضاء التجنب عن المعاصي والشهوات يضمحل، ولا يترتب عليه أثر، كما أنه لو كان لبعض أصناف الفضل ظهور في التجنب، فيظهر بما ذكرنا أنه بدوي، ويرتفع الظهور بملاحظة ما ذكرناه.
ومما ذكرناه [يظهر] (3) غاية صعوبة العمل على طبق العلم، أسألك اللهم ربنا