وربما أورد سيدنا على دعوى الدلالة على العدالة بالمعنى الأخص - كما في الاستدلال المتقدم - بأنه لا منافاة بين شدة الاعتماد وفساد العقيدة؛ إذ كم من فاسد العقيدة يكون في غاية الاعتماد وأعلى درجات الوثاقة، مثل الحسن بن علي بن فضال، وليس فساد العقيدة منافيا عندهم لقبول الخبر، ولذا عملت الطائفة بما رواه العامة والفطحية كما ذكره الشيخ (1)، بل مدار أمر القبول عندهم على الاعتماد، وإذا كان حاصلا في الراوي تقبل روايته، فالإجماع على القبول لا يستلزم صحة العقيدة، فلا يدل على العدالة بالمعنى الأخص، بل غاية ما يستفاد منه العدالة بالمعنى الأعم.
وهذا مستنده على دعوى كون العدالة المدلول عليها بالمعنى الأعم.
ويتطرق عليه الإيراد بأن مجرد عدم منافاة فساد العقيدة لشدة الاعتماد لا ينافي القول بالدلالة على العدالة بالمعنى الأخص؛ إذ غاية الأمر حينئذ أن يقال:
إن شدة الاعتماد أعم من العدالة بالمعنى الأخص، ولا دلالة للعام على الخاص.
ويظهر ضعفه بما مر؛ حيث إن العام لا دلالة [له] على الخاص دلالة قطعية، لكن ربما يكون ظاهرا فيه، كما في ظهور المطلقات في الأفراد الشائعة وغيره كما مر؛ فلو ادعى المدعي للدلالة على العدالة بالمعنى الأخص ظهور شدة الاعتماد - المستند إليه الإجماع على التصديق والتصحيح، المنقول في كلام الكشي - في العدالة بالمعنى الأخص (وإن كان أعم منها، بمعنى أن الظاهر كون شدة الاعتماد من جهة العدالة بالمعنى الأخص)، (2) أو ادعى ظهور عبارة الكشي في ذلك، فلا يندفع بالإيراد بعدم المنافاة، نعم يندفع الإيراد بمنع الظهور كما ذكرناه.