وثالثة: أن يحصل لديه العلم بتحقق منشأ عروض العارض على أحدهما، ثم يظهر عروضه بنفس ذلك المنشأ لكليهما، كما لو علم بوقوع قطرة بول واعتقد انها تصل متصلة فتقع في أحد الإناءين، لكنها - في علم الله تعالى - تجزأت ووقع الجزءان في الإناءين.
وهذا هو موضع الاشكال، إذ لا ارتباط للمعلوم بالاجمال بأحدهما.
لكن نقول: انه في هذا الفرض يوجد علمان:
أحدهما: العلم بنجاسة ملاقي البول الواقعي - وهو يدور بين الأقل والأكثر -.
وعلم آخر: بأن الملاقي أحد الإناءين خاصة من باب الخطأ في التطبيق، ففي الحقيقة يكون كلا الإناءين معلوما لديه. وشهد لذلك: أنه يحكم بان نجاسة كلا الإناءين تكون منجزة واقعا، ولو لم يكن سوى العلم الاجمالي بنجاسة أحدهما، لم يتنجز كلاهما لأنه جهل مركب.
فعدم ارتباط العلم الاجمالي الموجود بأحدهما واقعا، لكونه جهلا مركبا لا حقيقة له واقعا. والتنجز ناشئ عن العلم الاجمالي المردد بين الأقل والأكثر المنحل بدوا بالعلم الاجمالي التخيلي.
إذن فالعلم الاجمالي الحقيقي بالفرد المردد له ارتباط بالواقع لا محالة.
نعم، هنا صورة واحدة لا يكون العلم الاجمالي فيها متعلقا بالفرد المردد ولا ارتباط له بالواقع إذا انكشف تفصيلا أصلا، وهو ما إذا كان منشأ العلم نسبته إلى الفردين واقعا على حد سواء، بحيث لا يكون لأحدهما خصوصية بالنسبة إليه أصلا، كما إذا علم إجمالا بمخالفة أحد الدليلين للواقع من جهة العلم بامتناع اجتماع الضدين - لا من جهة إخبار المعصوم (عليه السلام) بذلك لارتباطه في مثل ذلك بأحدهما واقعا، وهو ما يعلم كذبه المعصوم (عليه السلام) -، فإنه لو انكشف كذب أحد الدليلين لا يمكنه أن يقول إن هذا هو معلومي