قال: " دخل الدار ابن زيد الطويل " وكان مرددا بين بكر وعمرو، فان ما علمه هو العنوان الكلي المردد الانطباق على شخصين، فيصير العلم إجماليا، وهذه الصورة هي محل الشاهد فيما نحن فيه.
والذي تحصل لدينا - لحد الآن - هو امكان تعلق العلم بالفرد المردد - بالنحو الذي صورناه - وتعلقه بالجامع الانتزاعي، وانه لا محذور في كل منهما.
والذي نلتزم به خارجا: ان العلم الاجمالي له صور ثلاث:
الأولى: ان تكون الصورة الحاصلة في الذهن لمتعلق الحكم صورة شخصية مماثلة للوجود الخارجي، لكنها مرددة بين كونها هذا الفرد أو ذاك، فيحصل لديه العلم بثبوت الحكم لتلك الصورة المرددة بين شخصين، كما إذا رأى شخصا يدخل الدار مرددا بين كونه زيدا أو أخاه لعدم رؤيته المائز بينهما، فإنه يعلم بدخول ذلك الوجود الذي انطبعت صورته في ذهنه من طريق الرؤية، وبما أنه متردد بين شخصين يكون العلم إجماليا.
الثانية: ان يتعلق العلم بالجامع، ولكن يكون للجامع ارتباط ومساس بواقع خارجي متعين في نفسه، بحيث يصح ان يشار إليه إذا علم تفصيلا بمعروض الحكم، فيقول هذا هو معلومي بالاجمال فالصورة الحاصلة في الذهن صورة كلية لكن لها مطابق في الخارج واقعي متعين في نفسه، كما لو علم اجمالا بنجاسة أحد الإناءين لوقوع قطرة البول في أحدهما، فان المعلوم بالاجمال هو نجاسة ما وقع فيه قطرة البول. ولا يخفى ان هذا العنوان وهو: " أحدهما الذي وقع فيه قطرة البول " عنوان كلي، لكن مطابقه في الخارج شخصي لا يتعدد، الا انه مردد بين فردين، فإذا حصل العلم التفصيلي بما وقع فيه قطرة البول صح أن يقول: هذا هو معلومي بالاجمال. وبعبارة أخرى: يكون الجامع ملحوظا طريقا إلى الخارج وعنوانا مشيرا إليه.
الثالثة: ان يتعلق العلم بالجامع بلا أن يكون للجامع ارتباط ومساس