لكن في آخر كلامه ذكر وجها لتقديم قاعدة السلطنة، وهو ان ورود القاعدة مورد الامتنان يقتضي أن لا يكون رفع الضرر موجبا للوضع، فسلطنة المالك لا ترتفع بضرر الجار إذا كان ترك التصرف موجبا لوقوعه في الضرر.
وعليه، فالمورد لا يدخل في عموم القاعدة، فتبقى قاعدة السلطنة بلا مخصص.
وقد ناقش الشيخ (رحمه الله) في بعض نقاط كلامه المتقدم:
منها: ما ذكره (قدس سره) من شمول دليل نفي الحرج لعدم السلطنة، باعتبار ان منع المالك عن التصرف في ملكه حرج وضيق عليه.
فقد ناقشه: بان الحرج المنفي في دليل نفي الحرج هو الحرج الطارئ على الجوارح لا على الجوانح، فالمرفوع ليس هو الحرج النفسي والمشقة الروحية، بل الحرج الخارجي البدني.
ومنها: ما ذكره من احتمال حكومة دليل نفي الحرج على قاعدة نفي الضرر.
فقد ناقشه بوجهين:
أحدهما: ان دليل نفي الحرج كدليل نفي الضرر لا نظر له إلا إلى الاحكام الوجودية دون الاحكام العدمية، فهو لا يتكفل سوى الرفع دون الوضع. وعليه فإذا تكفل دليل نفي الضرر رفع السلطنة، فدليل نفي الحرج لا يعارضه، لأنه لا نظر له إلى عدم السلطنة لأنها حكم عدمي.
والاخر: ان الحكومة تتقوم بنظر الدليل الحاكم إلى الدليل المحكوم، وليس الامر كذلك بالنسبة إلى دليل نفي الحرج، فإنه في عرض دليل نفي الضرر، فلا معنى لفرض نظر دليل نفي الحرج إلى دليل نفي الضرر، بحيث يؤخذ دليل نفي الضرر متقدما على دليل نفي الحرج، بل هما دليلان في عرض واحد ناظران إلى الأحكام الثابتة في الشريعة، فكل منهما يعارض الاخر، وليس