ثم إنك عرفت أن أساس الاشكال في هذه الموارد هو ترتب العقاب على ترك العمل الواقعي مع الالتزام بصحة المأتي به. ولأجل ذلك ذهب المحقق النائيني في مقام دفعه إلى إنكار ترتب العقاب على العمل المتروك، وذكر: ان الاجماع المدعى لا يمكن ان يعتمد عليه، لان استحقاق العقاب ليس حكما شرعيا، والاجماع انما يعتمد عليه في كشفه عن رأي المعصوم (ع) إذا كان إجماعا على حكم شرعي لا على أمر عقلي (1).
وهذا البيان لا يمكن الموافقة عليه بوجه من الوجوه، لأنه لا يحتمل أن يكون إجماع المجمعين مستندا إلى مراجعة البحوث الفلسفية، والالتزام بالعقاب على أساس فلسفي أو كلامي أجنبي عن ثبوت الحكم الشرعي، وإنما هو مستند إلى التزام ثبوت الحكم الشرعي في هذا المورد، فيترتب العقاب على مخالفته قهرا، فاجماعهم على ترتب العقاب يرجع في الحقيقة إلى الاجماع على ثبوت حكم شرعي، وهو وجوب العمل المتروك بنحو التعيين، بحيث يكون تركه مستلزما لاستحقاق العقاب. فلا وجه لما أفاده (قدس سره)، وتابعه على ذلك السيد الخوئي في الدراسات (2).
والحاصل: انه في المورد الذي يلتزم بثبوت التكليف الفعلي بالفعل المتروك وعدم تدارك مصلحته بالمأتي به يكون تفصي صاحب الكفاية هو المتعين، بعد عدم امكان الالتزام بالترتب في المقام، فان ما أفاده (قدس سره) يدفع جميع جهات الاشكال. والله سبحانه العالم العاصم.
هذا تمام الكلام في هذه الجهة.