الثاني: ما ذكره الشيخ (رحمه الله) وأشار إليه في الكافية، وهو استصحاب الوجوب النفسي الشخصي الثابت سابقا بدعوى المسامحة عرفا في موضوعه، إذ العرف يرى الباقي والمركب التام شيئا واحدا، ولذا يرى عدم ثبوت الحكم للباقي ارتفاعا للحكم السابق كما أنه ثبوته بقاء له. فيقال حينئذ: هذا - ويشار إلى الباقي - كان واجبا والآن كذلك. ونظيره استصحاب كرية الماء الذي كان كرا وأريق منه بعضه فشك في كريته (1).
وقد أورد عليه: بأنه يبتني على المسامحة في الموضوع مع كون الباقي مما يتسامح فيه عرفا، كما إذا كان المتعذر جزء واحدا - مثلا - لا ما إذا تعذرت كمية من الاجزاء معتد بها، لعدم صدق الوحدة عرفا بين الباقي والمركب حينئذ (2).
وهذا، ولكن الذي نراه عدم تأتي المسامحة في مثل ما نحن فيه. وبيان ذلك:
ان المراد بالمسامحة العرفية والنظر العرفي هو ما يراه العرف بحسب مرتكزاته وبحسب ربطه بين الحكم وموضوعه موضوعا للحكم، فهو يرى ان الموضوع في مثل: " أطعم العالم " ذات العالم، وجهة العلم جهة تعليلية، إذ لا ربط للاطعام بجهة العلم، بل يرتبط بالذات نفسها، فإذا زال العلم لا يزول الموضوع بنظر العرف، وانما يرى أنه قد زالت بعض حالاته، فيصح استصحاب وجوب الاطعام مع الشك.
أما في مثل: " قلد العالم " فإنه يرى ان الموضوع العالم بما هو عالم، لارتباط التقليد واخذ الاحكام بجهة علمه لا بذاته خاصة. فمع زوال العلم يزول الموضوع عرفا. فلا مجال للاستصحاب مع الشك.
ومن الواضح انه هذا الاختلاف في النظر انما يتأتى في موضوعات